مسألة ۵ : إذا جنى عمداً ولم تكن الجناية مما تقتل غالباً ولم يكن الجاني قد قصد بها القتل ، ولكن اتفق موت المجني عليه بالسراية فالمشهور بين الأصحاب ثبوت القود ولكنه لا يخلو من إشكال ، بل لا يبعد عدمه ، فيجري عليه حكم القتل الشبيه بالعمد .
مسألة ۶ : لو ألقى نفسه من شاهق على انسان عمداً قاصداً به قتله أو كان مما يترتب عليه القتل عادة فقتله ، فعليه القود ، وأما إذا لم يقصد به القتل ولم يكن مما يقتل عادة فلا قود عليه ، وأما إذا مات الملقي فدمه هدر على كلا التقديرين .
مسألة ۷ : ليس للسحر حقيقة موضوعية، بل هو إراءة غير الواقع بصورة الواقع، ولكنه مع ذلك لو سحر شخصاً بما يترتب عليه الموت غالباً أو كان بقصد القتل ، كما لو سحره فتراءى له أن الأسد يحمل عليه فمات خوفاً ، كان على الساحر القصاص .
مسألة ۸ : لو أطعمه عمداً طعاماً مسموماً يقتل عادة ، فان علم الآكل بالحال وكان مميزاً ، ومع ذلك أقدم على أكله فمات فهو المعين على نفسه ، فلا قود ولا دية على المطعم ، وان لم يعلم الآكل به أو كان غير مميز فأكل فمات فعلى المطعم القصاص بلا فرق بين قصده القتل به وعدمه ، بل الأظهر أن الأمر كذلك فيما لو جعل السم في طعام صاحب المنزل وكان السم مما يقتل عادة فاكل صاحب المنزل جاهلاً بالحال فمات .
مسألة ۳۴۶ : لو ادعى المجني عليه النقص في سمع كلتا الاذنين ، فان ثبت ذلك ببينة فبها ، والا فعليه القسامة بالنسبة بمعنى : ان المدعى ان كان ثلث سمعه حلف هو وحلف معه رجل واحد ، وان كان نصف سمعه حلف هو وحلف معه رجلان ، وهكذا ، ولو ادعى النقص في احداهما قيست إلى الصحيحة بأن تسد الناقصة سداً جيداً وتطلق الصحيحة ويصاح به ويتباعد عنه حتى يقول : لا اسمع فان علم أو اطمئن بصدقه فهو ، و إلا يعلّم ذلك المكان ثم يعاد عليه من طرف آخر كذلك ، فان تساوت المسافتان صدق والا فلا ، ثم بعد ذلك تطلق الناقصة وتسد الصحيحة جيّداً ويختبر بالصيحة أو بغيرها حتى يقول : لا أسمع ، فان علم أو اطمئن بصدقه والا يكرر عليه الاختبار ، فان تساوت المقادير صدق ثم تمسح المسافتان الأولى والثانية فتؤخذ الدية عندئذ من الجاني بنسبة التفاوت وتعطى له بعد اتيانه بالقسامة على ما يدعي من النقص في سمع إحدى أذنيه .
مسألة ۹ : لو حفر بئراً عميقة في معرض مرور الناس متعمداً وكان الموت يترتب على السقوط فيها غالباً ، فسقط فيها المارّ ومات فعلى الحافر القود بلا فرق بين قصده القتل وعدمه ، نعم لو لم يترتب الموت على السقوط فيها عادة وسقط فيها أحد المارة فمات اتفاقاً ، فعندئذ ان كان الحافر قاصداً القتل فعليه القود والا فلا ، وكذلك يثبت القصاص لو حفرها في طريق ليس في معرض المرور ، ولكنه دعا غيره الجاهل بالحال لسلوكه قاصداً به القتل أو كان السقوط فيها مما يقتل عادة فسلكه المدعو وسقط فيها فمات .
مسألة ۳۴۷ : إذا أوجب قطع الأذنين ذهاب السمع ففيه ديتان دية لقطعهما ودية لذهاب السمع .
مسألة ۱۰ : إذا جرح شخصاً قاصداً به قتله ، فداوى المجروح نفسه بدواء مسموم أو أقدم على عملية ولم تنجح فمات ، فان كان الموت مستنداً إلى فعل نفسه فلا قود ولا دية على الجارح ، نعم لولي الميت القصاص من الجاني بنسبة الجرح أو أخذ الدية منه كذلك ، وان كان مستنداً إلى الجرح فعليه القود ، وان كان مستنداً اليهما معاً كان لولي المقتول القود بعد رد نصف الدية إليه وله العفو وأخذ نصف الدية منه .
( الثالث ) ـ ضوء العينين
وفي ذهابه منهما الدية كاملة ، وفي ذهابه من احداهما نصف الدية ، وان ادعى المجني عليه ذهاب بصره كله فان صدقه الجاني فعليه الدية ، وان انكره أو قال لا اعلم اختبر بجعل عينيه في قبال نور قوي كالشمس ونحوها فان لم يتمالك حتى غمض عينيه فهو كاذب ولا دية له ، وان بقيتا مفتوحتين كان صادقاً واستحق الدية ، مع الاستظهار بالأيمان ، وان عاد البصر بعد مدة ، فان كان كاشفاً عن عدم الذهاب من الأول فلا دية وفيه الحكومة ، وان لم يكشف عن ذلك ففيه الدية .
مسألة ۱۱ : لو ألقاه من شاهق قاصداً به القتل أو كان مما يترتب عليه القتل عادة ، فمات الملقى في الطريق خوفاً قبل سقوطه إلى الأرض كان عليه القود ، ومثله ما لو ألقاه في بحر قاصداً به قتله أو كان مما يترتب عليه الموت غالباً فالتقمه الحوت قبل وصوله إلى البحر .
مسألة ۱۲ : لو أغرى به كلباً عقوراً قاصداً به قتله أو كان مما يترتب عليه القتل غالباً فقتله فعليه القود ، وكذا الحال لو ألقاه إلى أسد كذلك وكان ممن لا يمكنه الاعتصام منه بفرار أو نحوه ، و إلا فهو المعين على نفسه فلا قود عليه ولا دية ، ومثله ما لو أنهش حية قاتلة أو ألقاها عليه فنهشته فعليه القود بلا فرق بين قصده القتل به وعدمه .
مسألة ۱۳ : لو جرحه بقصد القتل ثم عضه الأسد ـ مثلاً ـ وسرتا فمات بالسراية كان لولي المقتول قتل الجارح بعد رد نصف الدية إليه ، كما أن له العفو عن القصاص ومطالبته بنصف الدية .
مسألة ۳۴۸ : إذا اختلف الجاني والمجني عليه في العود وعدمه ، فان اقام الجاني البينة على ما يدعيه فهو ، والا فالقول قول المجني عليه مع الحلف .
مسألة ۱۴ : لو كتفه ثم ألقاه في أرض مسبعة مظنة للافتراس عادة أو كان قاصداً به قتله فافترسه السباع فعليه القود ، نعم لو ألقاه في أرض لم تكن مظنة للافتراس عادة ولم يقصد به قتله، فافترسه السباع اتفاقاً ، فالظاهر أنه لا قود وعليه الدية فقط.
مسألة ۳۴۹ : لو ادعى المجني عليه النقصان في إحدى عينيه وانكره الجاني أو قال لا اعلم، اختبر ذلك بقياسها بعينه الأخرى الصحيحة، ومع ذلك لابد في اثبات ما يدعيه من القسامة ، ولو ادعى النقص في العينين كان القياس بعين من هو من أبناء سنه .
مسألة ۱۵ : لو حفر بئراً فسقط فيها آخر بدفع ثالث فالقاتل هو الدافع دون الحافر.
مسألة ۳۵۰ : لا تقاس العين في يوم غيم ، وكذا لا تقاس في أرض مختلفة الجهات علواً وانخفاضاً ونحو ذلك مما يمنع عن معرفة الحال .
مسألة ۱۶ : لو أمسكه وقتله آخر قتل القاتل وحبس الممسك مؤبداً حتى يموت بعد ضرب جنبيه ويجلد كل سنة خمسين جلدة ، ولو اجتمعت جماعة على قتل شخص فامسكه أحدهم وقتله آخر ونظر إليه ثالث فعلى القاتل القود وعلى الممسك الحبس مؤبداً حتى الموت وعلى الناظر أن تفقأ عيناه .
( الرابع ) ـ الشمّ
وفي اذهابه من كلا المنخرين الدية كاملة ، وفي اذهابه من احدهما نصف الدية ، ولو ادعى المجني عليه ذهابه عقيب الجناية الواردة عليه فان صدقه الجاني فهو ، وان انكره أو قال لا اعلم اختبر بالحراق ويدنى منه فان دمعت عيناه ونحى رأسه فهو كاذب ، والا فصادق ، وحينئذ قيل : ان عليه خمسين قسامة ، ولكن دليله غير ظاهر بل الظاهر انها من الستة الأجزاء الواردة في المنافع .
مسألة ۳۵۱ : إذا ادعى المجني عليه النقص في الشم فعليه أن يأتي بالقسامة على النحو المتقدم في السمع .
مسألة ۱۷ : لو أمر غيره بقتل أحد ، فقتله ، فعلى القاتل القود وعلى الآمر الحبس مؤبدا إلى أن يموت ، ولو أكرهه على القتل ، فان كان ما توعد به دون القتل فلا ريب في عدم جواز القتل ، ولو قتله ـ والحال هذه ـ كان عليه القود وعلى المكره الحبس المؤبد ، و إن كان ما توعد به هو القتل ، فالمشهور أن حكمه حكم الصورة الأولى ، ولكنه مشكل ، ولا يبعد جواز القتل عندئذ ،({^( بل جواز القتل بعيد )^}) وعلى ذلك فلا قود ولكن عليه الدية ، وحكم المكره ـ بالكسر ـ في هذه الصورة حكمه في الصورة الأولى .
هذا إذا كان المكره ـ بالفتح ـ بالغاً عاقلاً ، وأما إذا كان مجنوناً أو صبياً غير مميز ، فلا قود على المكره ولا على الصبي ، نعم على عاقلة الصبي الدية وعلى المكره الحبس مؤبداً .
مسألة ۱۸ : المشهور جريان الحكم المذكور فيما لو أمر السيد عبده بقتل شخص فقتله ، ولكنه مشكل ، بل لا يبعد أن يقتل السيد الآمر ويحبس العبد .
مسألة ۳۵۲ : إذا أخذ المجني عليه الدية ثم عاد الشم ، فان كان العود كاشفاً عن عدم ذهابه من الأول فللجاني أن يسترد الدية وللمجني عليه أن يرجع إليه بالحكومة ، و إلا فليس للجاني حق الاسترداد .
مسألة ۱۹ : لو قال أقتلني فقتله فلا ريب في أنه قد ارتكب محرماً ، وهل يثبت القصاص عندئذ أم لا ؟ وجهان ، الأظهر ثبوته ، هذا إذا كان القاتل مختاراً أو متوعداً بما دون القتل ، وأما إذا كان متوعداً بالقتل فالحكم فيه كما تقدم ({^.(تقدم عدم جواز القتل )^})
مسألة ۳۵۳ : لو قطع انف شخص فذهب به الشم أيضاً فعليه ديتان .
مسألة ۲۰ : لو أمر شخص غيره بأن يقتل نفسه ، فقتل نفسه ، فان كان المأمور صبياً غير مميز ، فعلى الآمر القود ، وان كان مميزا أو كبيراً بالغاً فقد أثم فلا قود على الآمر .
هذا إذا كان القاتل مختاراً أو مكرهاً متوعداً بما دون القتل أو بالقتل ، وأما إذا كان متوعداً بما يزيد على القتل من خصوصياته كما إذا قال : اقتل نفسك والا لقطعتك اربا اربا ، فالظاهر جواز قتل نفسه عندئذ وهل يثبت القود على المكره وجهان ، الأقرب عدمه .
مسألة ۲۱ : لو اكره شخصاً على قطع يد ثالث معيناً كان أو غير معين وهدده بالقتل ان لم يفعل جاز له قطع يده ، وهل يثبت القصاص على المكره ، أو ان القصاص يسقط وتثبت الدية على المباشر ؟ وجهان ، الظاهر هو الثاني .
( الخامس ) ـ النطق
وفي ذهابه بالضرب أو غيره دية كاملة ، وفي ذهاب بعضه الدية بنسبة ما ذهب بأن تعرض عليه حروف المعجم كلها ثم تعطى الدية بنسبة ما لم يفصحه منها .
مسألة ۲۲ : لو اكرهه على صعود جبل أو شجرة أو نزول بئر فزلت قدمه وسقط فمات ، فان لم يكن الغالب في ذلك ، السقوط المهلك ، ولا هو قصد به القتل فلا قود عليه ولا دية ، والا ففيه الوجهان ، والأقرب انه لا شيء عليه ، وكذلك الحال فيما إذا اكره على شرب سم فشرب فمات .
مسألة ۲۳ : إذا شهدت بينة بما يوجب القتل ، كما إذا شهدت بارتداد شخص أو بأنه قاتل لنفس محترمة أو نحو ذلك أو شهد اربعة بما يوجب الرجم كالزنا ، ثم بعد اجراء الحد ثبت انهم شهدوا زورا كان القود على الشهود ، ولا ضمان على الحاكم الآمر ، ولا حدّ على المباشر للقتل أو الرجم ، نعم لو علم مباشر القتل بأن الشهادة شهادة زور كان عليه القود دون الشهود .