۱۶۲ ـ يجب على المكلّف اليقين بوصوله إلى الميقات والإحرام منه ، أو يكون ذلك عن إطمينان أو حجّة شرعية .
ولا يجوز له الإحرام عند الشك في الوصول إلى الميقات .
۱۶۳ ـ لو نذر الإحرام قبل الميقات وخالف وأحرم من الميقات لم يبطل إحرامه ، ووجبت عليه كفّارة مخالفة النذر إذا كان متعمداً .
۱۶۴ ـ كما لا يجوز تقديم الإحرام على الميقات لا يجوز تأخيره عنه ، فلا يجوز لمن أراد الحجّ أو العمرة أو دخول مكّة أن يتجاوز الميقات اختيارا إلاّ محرما حتى إذا كان أمامه ميقات آخر ، فلو تجاوزه وجب العود إليه مع الامكان .
وفي وجوب الإحرام لدخول الحرم لمن لا يريد دخول مكّة إشكال وإن كان أحوط .
نعم إذا لم يكن المسافر قاصدا لما ذكر لكن لما وصل حدود الحرم أراد أن يأتي بعمرة مفردة جاز له الإحرام من أدنى الحل .
۱۶۵ ـ إذا ترك المكلّف المريد للنسك الإحرام من الميقات عن علم وعمد حتى تجاوزه ، فإن تمكّن من الرجوع إلى الميقات وجب عليه الرجوع والإحرام منه ، سواء أكان رجوعه من داخل الحرم أم كان من خارجه ، وإن لم يتمكّن من العود إليه ـ لضيق الوقت أو لعذر آخر ـ ولم يكن أمامه ميقات آخر وجب عليه الإتيان بالحجّ في السنة القادمة إذا كان مستطيعاً وإلا فلا .
۱۶۶ ـ إذا ترك الإحرام عن نسيان أو إغماء أو ما شاكل ذلك ، أو تركه عن جهل بالحكم أو جهل بالميقات فللمسألة صور أربع :
الأُولى : أن يتمكّن من الرجوع إلى الميقات ، فيجب عليه الرجوع والإحرام من هناك .
الثانية : أن يكون في الحرم ولم يمكنه الرجوع إلى الميقات لكن أمكنه الرجوع إلى خارج الحرم وعليه ـ حينئذ ـ الرجوع إلى الخارج والإحرام منه ، والأحوط في هذه الصورة الابتعاد عن الحرم بالمقدار الممكن ثم الإحرام من هناك .
الثالثة : أن يكون في الحرم ولم يمكنه الرجوع إلى الخارج وعليه في هذه الصورة أن يحرم من مكانه وإن كان قد دخل مكّة .
الرابعة : أن يكون خارج الحرم ولم يمكنه الرجوع إلى الميقات ، فإن كان أمامه ميقات آخر أحرم من ذلك الميقات ، وإلاّ أحرم من مكانه ولا يؤخره إلى أدنى الحل على الأحوط ، وفي جميع هذه الصور يحكم بصحة عمل المكلّف إذا قام بما ذكرناه من الوظائف .
۱۶۷ ـ إذا تركت الحائض الإحرام من الميقات لجهلها بالحكم إلى أن دخلت الحرم ولم تتمكن من الرجوع إلى الميقات ، وجب عليها الرجوع إلى خارج الحرم ، والابتعاد عن الحرم بالمقدار الممكن ثم تحرم على أن لا يكون ذلك مستلزماً لفوات الحجّ .
وفي ما إذا لم يمكنها إنجاز ذلك ، فهي وغيرها على حد سواء .
۱۶۸ ـ إذا فسدت العمرة وجبت إعادتها مع التمكن ، ومع عدم الاعادة ـ ولو من جهة ضيق الوقت ـ يفسد حجّه وعليه الاعادة .
۱۶۹ ـ إذا أتى المكلّف بالعمرة ـ مفردة كانت أو تمتعاً ـ من دون إحرام لجهل أو نسيان فالأحوط الاعادة .
۱۷۰ ـ قد تقدّم أن النائي يجب عليه الإحرام لعمرته من أحد المواقيت الخمسة الأولى ، فإن كان طريقه منها فلا إشكال ، وإن كان طريقه لا يمر بها ـ كما هو الحال في الحجاج الذين يردون جدة ابتداء وهي ليست من المواقيت ـ فلا يجزي الإحرام منها حتى إذا كانت محاذية لاحد المواقيت ، مع أن محاذاتها غير ثابتة ، فاللازم على الحاج حينئذ أن يمضي إلى أحد المواقيت مع الامكان أو ينذر الإحرام من بلده أو من الطريق قبل الوصول إلى جدة بمقدار يعلم أنه قبل الميقات فيحرم من محل نذره ، وإذا لم يمكن المضي إلى احد المواقيت ولم يحرم قبل ذلك بنذر ـ لجهل أو نسيان أو نحوهما من الاعذار ـ لزمه الإحرام من جدة بالنذر ، ثم يجدد إحرامه في أدنى الحل .
۱۷۱ ـ تقدّم أن المتمتع يجب عليه أن يحرم لحجه من مكّة ، فلو أحرم من غيرها عالماً عامداً لم يصحّ إحرامه ، وإن دخل مكّة محرما ، بل وجب عليه الاستيناف من مكّة مع الامكان وإلا بطل حجه .
۱۷۲ ـ إذا نسي المتمتع الإحرام للحجّ بمكّة وجب عليه العود مع الامكان ، وإلا أحرم في مكانه ولو كان في عرفات وصح حجه ، وكذلك الجاهل بالحكم .
۱۷۳ ـ لو نسي إحرام الحجّ ولم يذكر حتى أتى بجميع أعماله صح حجّه ، وكذلك الجاهل .
واجبات الإحرام ثلاثة أمور :
الامر الأوّل : النية
الامر الثاني : التلبية
الامر الثالث : لبس الثوبين
الامر الأوّل : النية ، ومعناها أن يقصد الإتيان بما يجب عليه في الحجّ أو العمرة متقربا به إلى الله تعالى ، وفيما إذا لم يعلم المكلّف به تفصيلا وجب عليه قصد الإتيان به إجمالا ، واللازم عليه حينئذ الأخذ بما يجب عليه شيئاً فشيئا من الرسائل العملية أو ممن يثق به .
ويعتبر في النية أمور :
الأوّل : الإتيان بالعمل خالصا لله تعالى .
الثاني : أن تكون مقارنة للشروع فيه .
الثالث : تعيين أن الإحرام للعمرة بخصوصيتها أو للحجّ بخصوصيته ككونه تمتعا ، أو قرانا ، أو إفرادا ، وأنه لنفسه أو لغيره ، وأنه حجّة الاسلام ، أو الواجب بالنذر أو الواجب بالافساد أو ندبيّ .
فلو نوى الإحرام من غير تعيين ـ ولو إجمالا ـ بطل إحرامه .
۱۷۴ ـ لا يعتبر في صحة النية التلفظ ولا الاخطار بالبال ، بل يكفي الداعي كما في غير الإحرام من العبادات .
۱۷۵ ـ لا يعتبر في صحة الإحرام العزم على ترك محرماته ـ حدوثاً وبقاء ـ فيصح الإحرام حتى مع العزم على إرتكابها ، إلا إذا كان عازماً من أول الإحرام على الإتيان بما يكون مبطلا للإحرام كالجماع قبل الفراغ من السعي في العمرة المفردة ، أو كان متردداً في ذلك ، وهكذا ـ على الأحوط ـ إذا عزم من أول الإحرام في الحجّ على أن يجامع زوجته قبل الوقوف بالمزدلفة أو تردد في ذلك ، وأما لو عزم على الترك من أول الأمر ولم يستمر عزمه بأن نوى بعد تحقق الإحرام بالاتيان بما يبطله لم يبطل إحرامه .
الامر الثاني : التلبية وصورتها أن يقول :
«لَبَّيْكَ أَللّهُمَّ لَبَّيْكَ ، لَبَّيْكَ لا شَرِيكَ لَكَ لَبَّيْكَ» .
وتستحب إضافة هذه الجملة : «إِنَّ الْحَمْدَ وَالنِّعْمَةَ لَكَ وَالْمُلْكَ ، لا شَرِيكَ لَكَ لَبَّيْكَ ، لَبَّيْكَ ذا المَعارِجِ لَبَّيْكَ» ، بل وما زاد على ذلك ـ كما في النصّ ـ وسيأتي نقل الزيادة في عاشر مستحبات الإحرام .
۱۷۶ ـ على المكلّف أن يتعلّم ألفاظ التلبية ويحسن أداءها بصورة صحيحة ولو كان ذلك من جهة تلقينه هذه الكلمات من قبل شخص آخر ، فإذا لم يتعلّم تلك الالفاظ ولم يتيسّر له التلقين يجب عليه التلفظ بما يصدق عليه التلبية ولو كان ملحونا ، والأحوط إستحبابا في هذه الصورة الجمع بين الإتيان بما ذكر والترجمة والإستنابة لها .
۱۷۷ ـ الأحوط في الاخرس أن يجمع بين الاشارة إلى التلبية بإصبعه مع تحريك لسانه والإستنابة لها .
۱۷۸ ـ الصبي غير المميّز يلبّى عنه .
۱۷۹ ـ لا ينعقد إحرام حجّ التمتع وإحرام عمرته وإحرام حجّ الإفراد وإحرام العمرة المفردة إلاّ بالتلبية ، وأما حجّ القران فكما ينعقد إحرامه بالتلبية ، ينعقد بالإشعار أو التقليد ، والإشعار مختص بالبدن والتقليد مشترك بين البدن وغيرها من أنواع الهدي ، والأحوط وجوباً الجمع بين الإشعار والتقليد في البدن . والأحوط الأولى التلبية وإن كان عقد إحرامه بالإشعار أو التقليد .
ثم إن الإشعار هو شق الجانب الأيمن من سنام البدنة ، والأحوط إستحبابا أن يقوم المحرم من الجانب الإيسر من الهدي ويشق الجانب الأيمن من سنامه ويلطخ صفحته بدمه ، وإذا كانت بدن كثيرة فأراد أن يشعرها دخل بين كل بدنتين فيشعر هذه من الشق الأيمن ويشعر هذه من الشق الإيسر ، والتقليد هو ان يعلق في رقبة الهدي نعلا خلقا قد صلّى فيها .
۱۸۰ ـ لا يشترط الطهارة عن الحدث الاصغر والاكبر في صحة الإحرام ، فيصح الإحرام من المحدث بالاصغر والاكبر كالجنب والحائض والنفساء وغيرهم .
۱۸۱ ـ لا يتحقق الإحرام إلاّ بالتلبية أو بالإشعار أو التقليد لخصوص القارن ، فلو نوى الإحرام ولبس الثوبين وفعل شيئاً من المحرمات قبل تحقق الإحرام لم يأثم وليس عليه كفّارة .
۱۸۲ ـ الافضل لمن عقد إحرام عمرة التمتع من مسجد الشجرة أن يؤخر التلبية إلى أول البيداء ، ولمن عقده من سائر المواقيت تأخيرها إلى أن يمشي قليلا ، ولمن عقد إحرام الحجّ من مكّة تأخيرها إلى الرقطاء ، والأحوط التعجيل بها مطلقا ، ويؤخر الرجل الجهر بها إلى المواضع المذكورة .
والبيداء أرض مخصوصة بين مكّة ومدينة ، على ميل من ذي الحليفة نحو مكّة ـ كما يظهر من كلمات الفقهاء ـ والرقطاء موضع دون الردم .
۱۸۳ ـ يجب على الأقوى لمن اعتمر عمرة التمتع قطع التلبية عند مشاهدة موضع بيوت مكّة القديمة ، وحده ـ على ما قال الشهيد رحمه الله ـ لمن دخل مكّة من أعلاها عن طريق المدينة (عقبة المدنيين) ، ولمن جاء من أسفلها (عقبة ذي طوى) . والأحوط لمن اعتمر عمرة مفردة قطعها عند دخول الحرم إذا جاء من خارج الحرم ، وأما إذا كان قد خرج من مكّة لاحرامها فالأقوى وجوب قطعها عند مشاهدة المسجد أو الكعبة ، كما أن الأقوى لمن حجّ بأيّ نوع من أنواع الحجّ وجوب قطعها عند الزوال من يوم عرفة .
۱۸۴ ـ إذا شك بعد لبس الثوبين وقبل التجاوز من الميقات في أنه قد أتى بالتلبية أم لا ، بنى على عدم الإتيان ، وإذا شك بعد الإتيان بالتلبية أنه أتى بها صحيحة أم لا ، بنى على الصحة .
الامر الثالث : لبس الثوبين بعد التجرد عمّا يجب على المحرم اجتنابه ، يتزر بأحدهما ويرتدي بالاخر ، ويستثنى من ذلك الصبيان فيجوز تأخير تجريدهم إلى فخّ إذا حجّ بهم من ذلك الطريق .
۱۸۵ ـ لبس الثوبين للمحرم واجب تعبّدي مستقل ، وليس شرطا دخيلا في تحقق الإحرام ، والأحوط أن يكون لبسهما على الطريق المألوف .
۱۸۶ ـ الأحوط في الازار أن يكون ساترا من السرّة إلى الركبة ، ويعتبر في الرداء أن يكون ساتراً للمنكبين وشيئاً من الظهر . والأحوط كون اللبس قبل النية والتلبية .
۱۸۷ ـ لو أحرم في قميص ـ جاهلاً أو ناسيا ـ نزعه وصح احرامه ، بل الأظهر صحة احرامه حتى فيما إذا أحرم فيه عالماً عامداً ، وأما إذا لبسه بعد الإحرام فلا إشكال في صحة إحرامه ، ولكن يلزم عليه شقّه وإخراجه من رجليه .