مسألة ۷۵۳ : يجوز لكل أحد الانتفاع من الشوارع والطرق العامة كالجلوس أو النوم أو الصلاة أو البيع أو الشراء أو نحو ذلك ، ما لم يكن مزاحماً للمستطرقين ، وليس لأحد منعه عن ذلك و إزعاجه ، كما أنه ليس لأحد مزاحمته في قدر ما يحتاج إليه لوضع متاعه ووقوف المعاملين ونحو ذلك .
مسألة ۷۵۴ : إذا جلس أحد في موضع من الطريق ثم قام عنه ، فإن كان جلوسه جلوس استراحة ونحوها بطل حقه ، و إن كان لحرفة ونحوها ، فإن كان قيامه بعد استيفاء غرضه أو أنه لا ينوي العود بطل حقه أيضاً ، فلو جلس في محله غيره لم يكن له منعه ، و إن كان قيامه قبل استيفاء غرضه وكان ناوياً للعود فعندئذ إن بقي منه فيه متاع أو رحل أو بساط فالظاهر بقاء حقه ، و إن لم يبق منه شيء فبقاء حقه لا يخلو عن إشكال ،({^(بل الظاهر بقاء حقّه الى الليل )^}) والاحتياط لا يترك فيما إذا كان في يوم واحد ، وأما إذا كان في يوم آخر فالظاهر أنه لا إشكال في أن الثاني أحق به من الأول .
مسألة ۷۵۵ : يتحقق الشارع العام بأمور :
الأول : كثرة الاستطراق والتردد ومرور القوافل في الأرض الموات .
الثاني : جعل الانسان ملكه شارعاً وتسبيله تسبيلاً دائمياً لسلوك عامة الناس ، فإنه بسلوك بعض الناس يصير طريقاً وليس للمسبل الرجوع بعد ذلك .
الثالث : إحياء جماعة أرضاً مواتاً وتركهم طريقاً نافذا بين الدور والمساكن
مسألة ۷۵۶ : لو كان الشارع العام واقعاً بين الأملاك فلا حدّ له ، كما إذا كانت قطعة أرض موات بين الاملاك عرضها ثلاثة أذرع أو أقل أو أكثر ، واستطرقها الناس حتى أصبحت جادة فلا يجب على الملاك توسيعها و إن تضيقت على المارة ، وكذا الحال فيما لو سبل شخص في وسط ملكه أو من طرف ملكه المجاور لملك غيره مقداراً لعبور الناس .
مسألة ۷۵۷ : إذا كان الشارع العام واقعاً بين الموات بكلا طرفيه أو أحد طرفيه فلا يجوز إحياء ذلك الموات بمقدار يوجب نقص الشارع عن خمسة أذرع ، فإن ذلك حد الطريق المعين من قبل الشرع ،({^( إذا لم تكن ضرورة مقضية للزيادة عليها )^}) بل الأفضل أن يكون سبعة أذرع ، وعليه فلو كان الإحياء إلى حد لا يبقى للطريق خمسة أذرع وجب عليه هدمه ، نعم لو أحيى شخص من أحد طرفيه ، ثم أحيى آخر من طرفه الآخر بمقدار يوجب نقصه عن حدّه لزم على الثاني هدمه دون الأول .
مسألة ۷۵۸ : إذا انقطعت المارة عن الطريق إما لعدم المقتضي أو لوجود المانع ، زال حكمه ، بل ارتفع موضوعه وعنوانه ، وعليه فيجوز لكل أحد إحياؤه .
مسألة ۷۵۹ : إذا زاد عرض الطريق عن خمسة أذرع ، فإن كان مسبلاً فلا يجوز لأحد إحياء ما زاد عليها وتملكه ، وأما إذا كان غير مسبل فإن كان الزائد مورداً للحاجة لكثرة المارة ، فلا يجوز ذلك أيضاً ، و إلا فلا مانع منه .
مسألة ۷۶۰ : يجوز لكل مسلم أن يتعبد ويصلي في المسجد ، وجميع المسلمين فيه شرع سواء ، ولا يجوز لأحد أن يزاحم الآخر فيه إذا كان الآخر سابقاً عليه ، لكن الظاهر تقدم الصلاة على غيرها ، فلو أراد أحد أن يصلي فيه جماعة أو فرادى ، فلا يجوز لغيره أن يزاحمه ولو كان سابقاً عليه كما إذ كان جالسا فيه لقراءة القرآن أو الدعاء أو التدريس ، بل يجب عليه تخلية ذلك المكان للمصلي .
ولا يبعد أن يكون الحكم كذلك حتى لو كان اختيار المصلى هذا المكان اقتراحاً منه ، فلو اختار المصلي مكاناً مشغولاً بغير الصلاة ولو اقتراحاً ، يشكل مزاحمته بفعل غير الصلاة و إن كان سابقاً عليه .
مسألة ۷۶۱ : من سبق إلى مكان للصلاة فيه منفرداً فليس لمريد الصلاة فيه جماعة منعه و إزعاجه ، و إن كان الأولى للمنفرد حينئذ أن يخلي المكان للجامع إذا وجد مكانا آخر فارغاً لصلاته ، ولا يكون منّاعاً للخير
مسألة ۷۶۲ : إذا قام الجالس من المسجد وفارق المكان ، فإن أعرض عنه بطل حقّه ، ولو عاد إليه وقد أخذه غيره ، فليس له منعه و إزعاجه .
وأما إذا كان ناويا للعود فإن بقي رحله فيه بقي حقه بلا إشكال ، و إن لم يبق ففي بقاء حقه إشكال ، فالاحوط مراعاة حقه ، ولا سيما إذا كان خروجه لضرورة ، كتجديد الطهارة أو نحوه .
مسألة ۷۶۳ : في كفاية وضع الرحل في ثبوت الأولوية إشكال ، والاحتياط لا يترك ، هذا إذا لم يكن بين وضع الرحل ومجيئه طول زمان بحيث يستلزم تعطيل المكان ، و إلا فلا أثر له ، وجاز لغيره رفعه والصلاة في مكانه إذا كان شغل المحل بحيث لا يمكن الصلاة فيه إلا برفعه .
وهل أنه يضمنه برفعه أم لا ؟ وجهان الظاهر عدم الضمان ، إذ لا موجب له بعد جواز رفعه للوصول إلى حقه .
مسألة ۷۶۴ : المشاهد المشرفة كالمساجد في تمام ما ذكر من الأحكام .({^(إلاّ أنّه من كان مشتغلاً بالزيارة و قراءة القرآن و الدعاء لايجوز لغيره مزاحمته و ان كانت للصلاة )^})
مسألة ۷۶۵ : جواز السكنى في المدارس لطالب العلم وعدمه تابعان لكيفية وقف الواقف ، فإذا خصها الواقف بطائفة خاصة كالعرب أو العجم ، أو بصنف خاص كطالبي العلوم الشرعية أو خصوص الفقه أو الكلام مثلاً ، فلا يجوز لغير هذه الطائفة أو الصنف السكنى فيها .
وأما بالنسبة إلى مستحقي السكنى بها فهي كالمساجد ، فمن حاز غرفة وسكنها فهو أحق بها ، ولا يجوز لغيره أن يزاحمه ما لم يعرض عنها و إن طالت المدة ، إلا إذا اشترط الواقف مدة خاصة كخمس سنين مثلاً ، فعندئذ يلزمه الخروج بعد انقضاء تلك المدة بلا مهلة .
مسألة ۷۶۶ : إذا اشترط الواقف اتصاف ساكنها بصفة خاصة ، كأن لا يكون معيلاً ، أو يكون مشغولاً بالتدريس أو بالتحصيل ، فإذا تزوج أو طرأ عليه العجز لزمه الخروج منها .
والضابط أن حق السكنى ـ حدوثاً وبقاءً ـ تابع لوقف الواقف بتمام شرائطه ، فلا يجوز السكنى لفاقدها حدوثاً أو بقاءً .
مسألة ۷۶۷ : لا يبطل حق السكني لساكنها بالخروج لحوائجه اليومية من المأكول والمشروب والملبس وما شاكل ذلك ، كما لا يبطل بالخروج منها للسفر يوماً أو يومين أو أكثر ، وكذلك الأسفار المتعارفة التي تشغل مدة من الزمن كالشهر أو الشهرين أو ثلاثة أشهر أو أكثر ، كالسفر إلى الحج أو الزيارة ، أو لملاقاة الأقرباء أو نحو ذلك مع نية العود وبقاء رحله ومتاعه ، فلا بأس بها ما لم تناف شرط الواقف ، نعم لا بد من صدق عنوان ساكن المدرسة عليه ، فإن كانت المدة طويلة بحيث توجب عدم صدق العنوان عليه بطل حقه .
مسألة ۷۶۸ : إذا اعتبر الواقف البيتوتة في المدرسة في ليالي التحصيل خاصة أو في جميع الليالي لم يجز لساكنها أن يبيت في مكان آخر ولو بات فيه بطل حقه .
مسألة ۷۶۹ : لا يجوز للساكن في غرفة منع غيره عن مشاركته إلا إذا كانت الحجرة حسب الوقف أو بمقتضى قابليتها معدّة لسكني طالب واحد .
مسألة ۷۷۰ : الربط وهي المساكن المعدّة لسكني الفقراء أو الغرباء كالمدارس في جميع ما ذكر .
مسألة ۷۷۱ : مياه الشطوط والأنهار الكبار كدجلة والفرات ، وما شاكلهما ، أو الصغار التي جرت بنفسها من العيون أو السيول أو ذوبان الثلوج ، وكذا العيون المتفجرة من الجبال أو في أراضي الموات وغير ذلك من المشتركات .
مسألة ۱۱۱۳ : إذا وقف حصيراً للمسجد كفى وضعه في المسجد ، وكذا في مثل آلات المشاهد والمعابد والمساجد ونحوها ، فإن الظاهر أنه يكفي في قبضها وضعها فيها بقصد استعمالها .
مسألة ۷۷۲ : كل ما جرى بنفسه أو اجتمع بنفسه في مكان بلا يد خارجية عليه فهو من المباحات الاصلية فمن حازه بإناء أو غيره ملكه من دون فرق بين المسلم والكافر في ذلك .
مسألة ۱۱۱۴ : إذا خرب جانب من جدار المسجد أو المشهد أو نحوها فعمره عامر فالظاهر كفاية ذلك في تمامية الوقف و إن لم يقبضه قابض ، و إذا مات لم يرجع ميراثاً لوارثه كما عرفت .
مسألة ۷۷۳ : مياه الآبار والعيون والقنوات التي جرت بالحفر لا بنفسها ، ملك للحافر ، فلا يجوز لأحد التصرف فيها بدون إذن مالكها .
مسألة ۷۷۴ : إذا شقّ نهراً من ماء مباح سواءً أكان بحفره في أرض مملوكة له أو بحفره في الموات بقصد إحيائه نهراً ملك ما يدخل فيه من الماء .
مسألة ۷۷۵ : إذا كان النهر لأشخاص متعددين ، ملك كل منهم بمقدار حصته من النهر ، فإن كانت حصة كل منهم من النهر بالسوية اشتركوا في الماء بالسوية ، و إن كانت بالتفاوت ملكوا الماء بتلك النسبة ، ولا تتبع نسبة استحقاق الماء نسبة استحقاق الأراضي التي تسقى منه .
مسألة ۷۷۶ : الماء الجاري في النهر المشترك حكمه حكم سائر الاموال المشتركة ، فلا يجوز لكل واحد من الشركاء التصرف فيه بدون إذن الباقين ، وعليه فإن أباح كل منهم لسائر شركائه أن يقضي حاجته منه في كل وقت وزمان وبأي مقدار شاء ، جاز له ذلك .
مسألة ۷۷۷ : إذا وقع بين الشركاء تعاسر وتشاجر ، فإن تراضوا بالتناوب والمهاياة بالأيام أو الساعات فهو ، و إلا فلا محيص من تقسيمه بينهم بالأجزاء بأن توضع في فم النهر حديدة مثلاً ذات ثقوب متعددة متساوية ويجعل لكل منهم من الثقوب بمقدار حصته ، فإن كانت حصة أحدهم سدساً والآخر ثلثا والثالث نصفاً ، فلصاحب السدس ثقب واحد ، ولصاحب الثلث ثقبان ولصاحب النصف ثلاثة ثقوب فالمجموع ستة .
مسألة ۷۷۸ : القسمة بحسب الأجزاء لازمة ، والظاهر أنها قسمة إجبار ، فإذا طلبها أحد الشركاء اجبر الممتنع منهم عليها .
وأما القسمة بالمهاياة والتناوب ، فهي ليست بلازمة ، فيجوز لكل منهم الرجوع عنها ، نعم الظاهر عدم جواز رجوع من استوفى تمام نوبته دون الآخر .
مسألة ۷۷۹ : إذا اجتمع جماعة على ماء مباح من عين أو واد أو نهر أو نحو ذلك ، كان للجميع حق السقي منه ، وليس لأحد منهم شق نهر فوقها ليقبض الماء كله أو ينقصه عن مقدار احتياج الباقين .
وعندئذ فإن كفى الماء للجميع من دون مزاحمة فهو ، و إلا قدم الأسبق فالأسبق في الاحياء إن كان وعلم السابق ، و إلا قدم الأعلى فالأعلى ، والأقرب فالأقرب إلى فوهة العين أو أصل النهر ، وكذا الحال في الأنهار المملوكة المنشقة من الشطوط ، فإن كفى الماء للجميع ، و إلا قدم الاسبق فالاسبق أي : من كان شق نهره أسبق من شق نهر الآخر ، وهكذا إن كان هناك سابق ولاحق ، و إلا فيقبض الأعلى بمقدار ما يحتاج إليه ، ثم ما يليه وهكذا .
مسألة ۷۸۰ : تنقية النهر المشترك و إصلاحه ونحوهما على الجميع بنسبة ملكهم إذا كانوا مقدمين على ذلك باختيارهم ، وأما إذا لم يقدم عليها إلا البعض لم يجبر الممتنع ، كما أنه ليس للمقدمين مطالبته بحصته من المؤونة إلا إذا كان إقدامهم بالتماس منه وتعهده ببذل حصته .