مسألة ۱۶ : إذا قلد مجتهدا يجوّز البقاء على تقليد الميت ، فمات ذلك المجتهد لا يجوز البقاء على تقليده في هذه المسألة ، بل يجب الرجوع فيها إلى الأعلم من الأحياء ، و إذا قلد مجتهدا فمات فقلد الحي القائل بجواز العدول إلى الحي ، أو بوجوبه ، فعدل إليه ثم مات فقلد من يقول بوجوب البقاء ، وجب عليه البقاء على تقليد الأول في ما تذكره من فتاواه فعلا .({^( وجب عليه العمل بفتوى الأعلم مطلقاً )^})
مسألة ۱۷ : إذا قلد المجتهد وعمل على رأيه ، ثم مات ذلك المجتهد فعدل إلى المجتهد الحي لم يجب عليه إعادة الأعمال الماضية و إن كانت على خلاف رأي الحي في ما إذا لم يكن الخلل فيها موجبا لبطلانها مع الجهل ، كمن ترك السورة في صلاته اعتمادا على رأي مقلده ثم قلد من يقول بوجوبها فلا تجب عليه إعادة ما صلاها بغير سورة .
مسألة ۱۸ : يجب تعلّم أجزاء العبادات الواجبة وشرائطها ، ويكفي أن يعلم إجمالاً أن عباداته جامعة لما يعتبر فيها من الأجزاء والشرائط ولا يلزم العلم تفصيلاً بذلك ، و إذا عرضت له في أثناء العبادة مسألة لا يعرف حكمها جاز له العمل على بعض الاحتمالات ، ثم يسأل عنها بعد الفراغ ، فإن تبينت له الصحة اجتزأ بالعمل ، و إن تبين البطلان أعاده .
مسألة ۱۹ : يجب تعلم مسائل الشك والسهو التي هي في معرض الابتلاء ، لئلا يقع في مخالفة الواقع .
مسألة ۲۰ : تثبت عدالة المرجع في التقليد بأمور :
الأول : العلم الحاصل بالاختبار أو بغيره .
الثاني : شهادة عادلين( المراد البينة غير المعارضة ، كما يعتبر فى الإثبات بكل حجة شرعية فقد المعارض لها .) بها ، ولا يبعد ثبوتها بشهادة العدل الواحد بل بشهادة مطلق الثقة أيضاً .({^( إذا لم يكن ظن على خلافه )^})
الثالث : حسن الظاهر ، والمراد به حسن المعاشرة والسلوك الديني بحيث لو سئل غيره عن حاله لقال لم نر منه إلا خيرا .
ويثبت اجتهاده ـ وأعلميته أيضاً ـ بالعلم، وبالشياع المفيد للاطمئنان، وبالبينة، وبخبر الثقة في وجه،({^(قوى مع عدم الظن بالخلاف )^}) ويعتبر في البينة وفي خبر الثقة ـ هنا ـ أن يكون المخبر من أهل الخبرة.
مسألة ۲۱ : من ليس أهلا للمرجعية في التقليد يحرم عليه الفتوى بقصد عمل غيره بها ،({^( بل مطلقاً مع فقد الاجتهاد ، ومع فقد غيره من الشرائط إذا كان فتواه إغراءً بالجهل .)^}) كما أن من ليس أهلا للقضاء يحرم عليه القضاء ، ولا يجوز الترافع إليه ولا الشهادة عنده ، والمال المأخوذ بحكمه حرام و إن كان الآخذ محقا ، إلا إذا انحصر استنقاذ الحق المعلوم بالترافع إليه ، هذا إذا كان المدعى به كليا ،({^(ولم يكن التعيين بإقباض المديون وإلاّ فالمأخوذ حلال و إن كان الأخذ بحكمه حراماً ، نعم إذا كان القاضى من القضاة الجور فلحرمة المأخوذ وجه و إن كان لايخلو من إشكال. )^}) وأما إذا كان شخصيا فحرمة المال المأخوذ بحكمه ، لا تخلو من إشكال ({^( هذا إذا كان بحكم قضاة الجور ، و الاّ فالمأخوذ حلال و إن كان الأخذ بحكمه حراماً .)^})
مسألة ۲۲ : الظاهر أن المتجزّي في الاجتهاد يجوز له العمل بفتوى نفسه ، بل إذا عرف مقدارا معتدا به من الأحكام جاز لغيره العمل بفتواه إلا مع العلم بمخالفة فتواه لفتوى الأفضل، أو فتوى من يساويه في العلم وينفذ قضاؤه ولو مع وجود الاعلم.
مسألة ۲۳ : إذا شك في موت المجتهد ، أو في تبدل رأيه ، أو عروض ما يوجب عدم جواز تقليده ، جاز البقاء على تقليده إلى أن يتبين الحال .
مسألة ۲۴ : الوكيل في عمل يعمل بمقتضى تقليد موكله ،({^(إلاّ إذا كان عبادة كأداء الزكاة ولم يحتمل الوكيل صحتها واقعاً . )^}) لا تقليد نفسه ، وكذلك الحكم في الوصي .({^(الأحوط وجوباً فيه رعاية أحوط التقليدين )^})
مسألة ۲۵ : المأذون ، والوكيل عن المجتهد في التصرف في الأوقاف أو في أموال القاصرين ينعزل بموت المجتهد ، وكذلك المنصوب من قبله وليّاً وقيّماً فإنه ينعزل بموته على الأظهر .
مسألة ۲۶ : حكم الحاكم الجامع للشرائط لا يجوز نقضه حتى لمجتهد آخر ، إلا إذا علم مخالفته للواقع ،({^( لايجوز ترتيب آثار الواقع مع العلم بمخالفة الحكم للواقع ، إلاّ أن تجديد المرافعة و نقضه مع العلم بالمخالفة ـ خصوصاً في الشبهات الموضوعيه ـ محلّ إشكال ، نعم لا إشكال إذا كان مخالفاً للكتاب أو السنة القطعية أو الإجماع المحقق إن لم نقل بكونه منتقضاً )^}) أو كان صادرا عن تقصير في مقدماته .
مسألة ۲۷ : إذا نقل ناقل ما يخالف فتوى المجتهد ، وجب عليه إعلام من سمع منه ذلك ،({^( إذا لزم من عدم الإعلام مخالفة الحكم الإلزامي )^}) ولكنه إذا تبدل رأي المجتهد ، لم يجب عليه إعلام مقلديه فيما إذا كانت فتواه السابقة مطابقة لموازين الاجتهاد .
مسألة ۲۸ : إذا تعارض الناقلان في الفتوى ، فمع اختلاف التاريخ واحتمال عدول المجتهد عن رأيه الأول يعمل بمتأخر التاريخ ، وفي غير ذلك عمل بالاحتياط ـ على الأحوط وجوبا({^(بل على الأقوى )^}) ـ حتى يتبين الحكم .
مسألة ۲۹ : العدالة المعتبرة في مرجع التقليد عبارة عن الاستقامة في جادة الشريعة المقدسة ، وعدم الانحراف عنها يمينا وشمالا ، بأن لا يرتكب معصية بترك واجب ، أو فعل حرام ، من دون عذر شرعي ، ولا فرق في المعاصي في هذه الجهة بين الصغيرة والكبيرة ، وفي عدد الكبائر خلاف .
وقد عدّ من الكبائر الشرك بالله تعالى ، واليأس من روح الله تعالى ، والأمن من مكر الله تعالى ، وعقوق الوالدين ـ وهو الإساءة إليهما ـ وقتل النفس المحترمة ، وقذف المحصنة ، وأكل مال اليتيم ظلما ، والفرار من الزحف ، وأكل الربا ، والزنا ، واللواط ، والسحر ، واليمين الغموس الفاجرة ، وهي الحلف بالله تعالى كذبا على وقوع أمر ، أو على حقّ امرئ أو منع حقه خاصة ـ كما قد يظهر من بعض النصوص ـ ومنع الزكاة المفروضة ، وشهادة الزور ، وكتمان الشهادة ، وشرب الخمر ، ومنها ترك الصلاة أو غيرها مما فرضه الله متعمدا ، ونقض العهد ، وقطيعة الرحم ـ بمعنى ترك الإحسان إليه من كل وجه في مقام يتعارف فيه ذلك ـ والتعرب بعد الهجرة إلى البلاد التي ينقص بها الدين ، والسرقة ، وإنكار ما أنزل الله تعالى ، والكذب على الله ، أو على رسوله (صلى الله عليه وآله وسلم) ، أو على الأوصياء (عليهم السلام) ، بل مطلق الكذب ، وأكل الميتة ، والدم ، ولحم الخنزير ، وما أهل به لغير الله ، والقمار ، وأكل السحت ، كثمن الميتة والخمر ، والمسكر ، وأجر الزانية ، وثمن الكلب الذي لا يصطاد ، والرشوة على الحكم ولو بالحق ، وأجر الكاهن ، وما أصيب من أعمال الولاة الظلمة ، وثمن الجارية المغنيّة ، وثمن الشطرنج ، فإن جميع ذلك من السحت .
ومن الكبائر : البخس في المكيال والميزان ، ومعونة الظالمين ، والركون إليهم ، والولاية لهم ، وحبس الحقوق من غير عسر ، والكبر ، والإسراف والتبذير ، والاستخفاف بالحج ، والمحاربة لأولياء الله تعالى ، والاشتغال بالملاهي ، كالغناء بقصد التلهي ـ وهو الصوت المشتمل على الترجيع على ما يتعارف أهل الفسوق ـ وضرب الأوتار، ونحوها مما يتعاطاه أهل الفسوق، والإصرار على الذنوب الصغائر.
والغيبة ، وهي : أن يذكر المؤمن بعيب في غيبته ، سواء أكان بقصد الانتقاص ، أم لم يكن ، وسواء أكان العيب في بدنه ، أم في نسبه ، أم في خلقه ، أم في فعله ، أم في قوله ، أم في دينه ، أم في دنياه ، أم في غير ذلك مما يكون عيبا مستورا عن الناس ، كما لا فرق في الذكر بين أن يكون بالقول ، أم بالفعل الحاكي عن وجود العيب ، والظاهر اختصاصها بصورة وجود سامع يقصد إفهامه و إعلامه ، كما أن الظاهر أنه لابدّ من تعيين المغتاب ، فلو قال : واحد من أهل البلد جبان لا يكون غيبة ، وكذا لو قال : أحد أولاد زيد جبان ، نعم قد يحرم ذلك من جهة لزوم الإهانة والانتقاص ، لا من جهة الغيبة، ويجب عند وقوع الغيبة التوبة والندم والأحوط ـ استحبابا({^( ولا يترك الاحتياط بالاستحلال )^}) ـ الاستحلال من الشخص المغتاب ـ إذا لم تترتب على ذلك مفسدة ـ أو الاستغفار له.({^( كلما ذكره)^})
وقد تجوز الغيبة في موارد :
منها : المتجاهر بالفسق ، فيجوز اغتيابه في غير العيب المتستر به .
ومنها : الظالم لغيره ، فيجوز للمظلوم غيبته ،({^( في ظلمه )^}) والأحوط ـ استحبابا ـ الاقتصار على ما لو كانت الغيبة بقصد الانتصار لا مطلقا .
ومنها : نصح المؤمن ، فتجوز الغيبة بقصد النصح ،({^( في إطلاقه إشكال ، فلابدّ من إعمال قاعدة التزاحم )^}) كما لو استشار شخص في تزويج امراة فيجوز نصحه ولو استلزم إظهار عيبها ، بل لا يبعد جواز ذلك ابتداء بدون استشارة إذا علم بترتب مفسدة عظيمة على ترك النصيحة .
ومنها : ما لو قصد بالغيبة ردع المغتاب عن المنكر ، فيما إذا لم يمكن الردع بغيرها .
ومنها : ما لو خيف على الدين من الشخص المغتاب ، فتجوز غيبته ، لئلا يترتب الضرر الديني .
ومنها : جرح الشهود .
ومنها : ما لو خيف على المغتاب الوقوع في الضرر اللازم حفظه عن الوقوع فيه ، فتجوز غيبته لدفع ذلك عنه .
ومنها : القدح في المقالات الباطلة و إن أدى ذلك إلى نقص في قائلها ، وقد صدر من جماعة كثيرة من العلماء القدح في القائل بقلّة التدبر والتأمل ، وسوء الفهم ونحو ذلك ، وكأن صدور ذلك منهم لئلا يحصل التهاون في تحقيق الحقائق ، عصمنا الله تعالى من الزلل ، ووفقنا للعلم والعمل ، إنه حسبنا ونعم الوكيل .
وقد يظهر من الروايات عن النبي والأئمّة عليهم أفضل الصلاة والسلام : أنه يجب على سامع الغيبة أن ينصر المغتاب ، ويردّ عنه ، وأنه إذا لم يرد خذله الله تعالى في الدنيا والآخرة ، وأنه كان عليه كوزر من اغتاب .
ومن الكبائر : البهتان على المؤمن ـ وهو ذكره بما يعيبه وليس هو فيه .
ومنها : سبّ المؤمن و إهانته و إذلاله .
ومنها : النميمة بين المؤمنين بما يوجب الفرقة بينهم .
ومنها : القيادة وهي السعي بين اثنين لجمعهما على الوطئ المحرّم .
ومنها : الغشّ للمسلمين .
ومنها : استحقار الذنب فإن أشدّ الذنوب ما استهان به صاحبه .
ومنها : الرياء ، وغير ذلك مما يضيق الوقت عن بيانه .
مسألة ۳۰ : ترتفع العدالة بمجرد وقوع المعصية ، وتعود بالتوبة والندم ، وقد مرّ أنه لا يفرق في ذلك بين الصغيرة والكبيرة .
مسألة ۳۱ : الاحتياط المذكور في مسائل هذه الرسالة ـ إن كان مسبوقا بالفتوى أو ملحوقا بها ـ فهو استحبابي يجوز تركه ، و إلا تخير العامي بين العمل بالاحتياط والرجوع إلى مجتهد آخر الأعلم فالأعلم ، وكذلك موارد الإشكال والتأمل ، فإذا قلنا : يجوز على إشكال أو على تأمل فالاحتياط في مثله استحبابي ، و إن قلنا : يجب على إشكال ، أو على تأمل فإنه فتوى بالوجوب ، و إن قلنا : المشهور كذا ، أو قيل كذا وفيه تأمل ، أو فيه إشكال ، فاللازم العمل بالاحتياط ، أو الرجوع إلى مجتهد آخر .
مسألة ۳۲ : إن كثيرا من المستحبات المذكورة في أبواب هذه الرسالة يبتني استحبابها على قاعدة التسامح في أدلة السنن ، ولما لم تثبت عندنا فيتعين الإتيان بها برجاء المطلوبية ، وكذا الحال في المكروهات فتترك برجاء المطلوبية ، وما توفيقي إلا بالله عليه توكلت و إليه أنيب .
مسألة ۹۷۰ : يشترط في صحة الصوم النية على وجه القربة ، لا بمعنى وقوعه عن النية كغيره من العبادات الفعلية ، بل يكفي وقوعه للعجز عن المفطرات ، أو لوجود الصارف النفساني عنها ، إذا كان عازماً على تركها لولا ذلك ، فلو نوى الصوم ليلاً ثم غلبه النوم قبل الفجر أو نام اختياراً حتى دخل الليل صح صومه ، ويكفي ذلك في سائر التروك العبادية أيضاً ، ولا يلحق بالنوم السكر والإغماء على الأحوط وجوباً .
مسألة ۹۷۱ : لا يجب قصد الوجوب والندب ، ولا الأداء والقضاء ولا غير ذلك من صفات الأمر والمأمور به ، بل يكفي القصد إلى المأمور به عن أمره ، كما تقدم في كتاب الصلاة .
مسألة ۹۷۲ : يعتبر في القضاء عن غيره قصد امتثال الأمر المتوجه إليه بالنيابة عن الغير ، على ما تقدم في النيابة في الصلاة ، كما أن فعله عن نفسه يتوقف على امتثال الأمر المتوجه إليه بالصوم عن نفسه ، ويكفي في المقامين القصد الإجمالي .