أن يكون على معرفة بعمله
عليكم ايها الحشد المتواجدين في هذا المجلس
أن تلتفتوا الى كنه عظمة عملكم ومسؤوليتكم كما ينبغي ويليق
إن تحقق المعرفة بأي أمر تعتمد على ثلاثة أمور
فيما لو أردنا لتلك المعرفة أن تكون كاملة:
الأول: الإلتفات إلى نفس ذلك الأمر. والثاني: الإلتفات الى أصل ذلك الأمر
والثالث: الإلتفات الى نتاج وثمرة ذلك الأمر .
ينبغي عليكم أن تلتفتوا الى نوعية عملكم
أصل ذلك العمل
وما يترتب على ذلك العمل والشغل .
في سفر العمرة . في شهر رمضان ۱۴۲۷ هـ
بسم الله الرحمن الرحیم
حَريّ بكل صاحب شغل وعمل
أن يكون على معرفة بعمله
عليكم ايها الحشد المتواجدين في هذا المجلس
أن تلتفتوا الى كنه عظمة عملكم ومسؤوليتكم كما ينبغي ويليق
إن تحقق المعرفة بأي أمر تعتمد على ثلاثة أمور
فيما لو أردنا لتلك المعرفة أن تكون كاملة:
الأول: الإلتفات إلى نفس ذلك الأمر. والثاني: الإلتفات الى أصل ذلك الأمر
والثالث: الإلتفات الى نتاج وثمرة ذلك الأمر .
ينبغي عليكم أن تلتفتوا الى نوعية عملكم
أصل ذلك العمل
وما يترتب على ذلك العمل والشغل .
أما بالنسبة إلى عملكم :
فالاضافة تغير
نفس إضافة المضاف تكسبه حيثية المضاف إليه,
وبهذا الملاك فان النكرة تكتسب المعرفة من الإضافة.
فإذا لم يكن حدّ محدود لعظمة المضاف إليه
فلا محالة يتأثر المضاف بتلك الاوصاف بحكم البرهان.
حضراتكم مرشدو ومعلمو الحجيج.
وهذا ليس أمراً بسيطاً.
وعليكم التأمل في ما سأقوله لكم اليوم
والمطالعة حوله ليالي وأياماً.
لتدركوا أهمية عملكم
وحينها سيتضح لكم أمران :
الأول : عظم ثقل هذه المسؤولية.
والآخر: عظم الأجر والثواب.
إنكم مرشدوا جموع الحجيج الذين
هاجروا الى الله والى رسوله .
ان الحجاج الذين يخرجون من بيوتهم
قد أصبحوا من المهاجرين؛ (يهاجرون)
إلى أين تكون هجرتهم ؟
إلى الله (مكة المكرمة) .
وإلى الرسول (ص) (المدينة المنورة).
فلا محالة إنكم أصحاب الراية لأفواج المهاجرين الى الله ورسوله .
وهذا العمل عمل عظيم .
لا تدرك عمق عظمة هذا العمل.
ولا نتمكن مِن فـَهم حقيقة هذا الأمر
الا إذا فهمنا حقيقة مكة المكرمة
وحقيقة المدينة المنورة.
ونعرف الى من أضيفت هناك , والى من اضيفت هنا.
أما هناك , فتلك الكعبة التي ترشدون الحجاج اليها
فهي الكعبة والبيت الذي
جعله سبحانه للاسلام عَلـَماً
وللعائذین حرما،
فرض حجه و اوجب حقه
وکتب علیکم وفادته
فقال: ولله علی الناس حج البیت
من استطاع الیه سبیلا.
ان العقل ليرتجف من وقع هذه الكلمات ...
واختار من خلقه سُمّاعاً
اجابوا دعوته
وصدّقوا کلمته
ووقفوا مواقف انبیائه
الكعبة , هو ذلك المكان
ووظيفتكم الثقيلة هي تعليم أحكام هذا البيت .
حينما يستفتي زرارة الإمام (ع) في أمور الحج أربعين عاماً .
والسائل هو زرارة بن أعين !
وهو من أركان الدين .
أوتاد الأرض أربعة:
زرارة، ومحمد بن مسلم، وبرید بن معاویه، وأبو بصیر لیث المرادي.
وزرارة في طليعة هؤلاء .
أربعين سنة يسأل في امور الحج ثم يتعجب من
عدم فناء مسائله !
فأجابه الإمام بهذه الكلمات :
البيت الذي طيف به قبل آدم بألفي عام
تريد ان تفنى مسائله في أربعين عاماً .
هذه عظمة البيت .
وتبعاً لذلك فإن أحكام هذا البيت مهمة للغاية بتناسب نفس البيت.
واتموا الحج والعمرة لله.
الحج والعمرة ركنان .
أبوابهما المتعددة , أسرار الإحرام,
الدقائق التي في الطواف
والرموز التي في السعي,
والظرائف التي في الوقوفين ,
واللطائف التي في أيام التشريق .
هذه وظيفتكم.
والنتيجة هي : أنكم
متعهّدو إدارة المهاجرين الى الله والى الرسول(ص) .
وظيفتكم الثقيلة أمور ثلاثة , التفتوا جيداً :
أولاً : إعرفوا ان جميع المتواجدين في أفواجكم
الذين هم تحت إرشادكم ومسؤليتكم
هم أيتام آل محمد (ص).
وأنتم كفلاء أولئك الأيتام .
وكفالة اليتيم من الأهمية بمكان حيث يقول النبي الخاتم (ص) ..
والنبي الخاتم يعني منتهى نقطة سير الوجود,
ان تلك الشخصية الثاوية هنا هو الخاتم
ومعنى الخاتم:
أن الله قد ختم به تمام نتيجة الخلقة وكلّ سلسلة
نظام التكوين والتشريع بذلك الشخص الثاوي هنا .
هذا النبي العظيم (ص) يقول: انا وکافل الیتیم کهاتین. (وضمّ السبابة إلى الوسطى)
لا يفترقان
وهذا تعبيره (ص).
وهناك حديث عن سيد الشهداء(ع)...
أرفع من كفالة اليتيم, هو عمل مَن يكفل أيتامنا.
يقول سيد الشهداء (ع) :
ان أيتام آل محمد (ص) هم المنقطعين عن إمامهم .
وكفالتهم هي بتعليمهم دينهم.
فاتضح أن وظيفتكم وعملكم هو :
اولاً : قيادة وهداية المهاجرين الى الله والى الرسول.
وثانياً : كفالة أيتام آل محمد (ص).
ان أقواما نزلت بهم النعم
لكنهم لم يعرفوا لها قدرا
ولم يؤدوا شكرها .
إن أهمية هذه النعم التي حالفتكم :
تعرفونها من خلال التفكر بهذه الرواية العجيبة :
خاطب الله موسى بن عمران(ع) :
والمخاطِب هو الله تعالى , والمخاطـَب هو كليم الله .
خاطبه قائلاً :
ياموسى , لئن تـَرُدَّ آبقاً عن بابي
أو ضالاً عن فنائي
أفضل لك من عبادة مائة سنة ,
بصيام نهارها (كل تلك السنة)
وقيام ليلها (كل ليالي تلك السنة)
مائة سنة من العبادة المقبولة .
التفتوا جيداً أيها الفضلاء.
أفضل من عبادة مائة سنة...بمثل هذه العبادة المقبولة
فالصوم اذا كان باطلاً لا يسمى عبادة .
والصلاة ان كانت باطلة ليست بعبادة .
فقيد القبول مندرج ضمن جمل الحديث .
فأنى لنا بالصوم المقبول أو بصلاة مقبولة .
فقد جعل الله مائة سنة من الصلاة والصيام المقبول عنده في كفـّة
وردّ الآبق الى بابه تعالى ,
أو رد الضال عن فناء الله الى فنائه تعالى
في كفة أخرى وجعل ذلك أفضل من عبادة مائة سنة مقبولة!
فسأل موسى : ومن هذا العبد الآبق يارب ؟
ومن ذلك الضال عن فنائك ؟
فقال الله تعالى : الآبق هو العاصي المتمرد,
اذا رددته عن معصيته وتاب وعاد الى بابنا
فهو أفضل لك من عبادة مائة سنة
فسأل موسى : ومن ذلك الضال عن فنائك ؟
فقال: الجاهل بإمام زمانه,
فاذا عرّفته امام زمانه
وعرفته شريعته
فهو أفضل لك من صلاة وصيام مائة عام.
وهذا هو عملكم .
والآن , كم هو عدد الأفراد الذين بامكانكم قلبهم واصلاح أمرهم في تلك الأفواج ؟
عليكم الالتفات جيداً إلى أن الزمان مؤثر
والمكان مؤثر .
ان هذا ليس بخطابة وارتجال ؛إنما هو عن برهان
فحينما يقدم الحاج الى المدينة المنورة
فان المكان يؤثر في إنقلاب حاله .
وحينما يقدم الى مكة المكرمة
مطاف الانبياء (ع)
والمكان الذي وقف فيه مائة وأربع وعشرين ألف نبي
فانه يحدث انقلاباً في النفوس
وهذه النفوس التي اليوم هي تحت أيديكم
حينما يقدمون الى هذه البقاع فكأنهم الأرض
التي تهب عليها نسائم الربيع .
فلابدّ أن تكون مهيّئة
فاذا ما ذررتم عليها البذور أثمرت
ولذلك يلزم عليكم التدقيق
وان لا يقرّ لكم قرار لا في ليل ولا في نهار.
لا تعلمون أيّ حظ ّ اصابكم
أن ترجعوا الى اوطانكم وقد عرفتم أحد الحجاج بشريعته وأحكام دينه
أوتعرفو أحدهم بإمام زمانه بعد أن كان جاهلاً به
فكم أجر وثواب هذا العمل ؟
إن أجره هو أنه اذا ما قامت القيامة
يبعث من قبره على رياش الملائكة
فتحمله الملائكة على اجنحتها من قبره الى مقرّه من الجنان
فلا يعاني من محنة الحساب
ويقولون له : طوباك طوباك.
يا دافع الكلاب عن ايتام آل محمد .
من ان يتلقفوهم ويفترسوهم.
إن وظيفتكم في هذا السفر أمور ثلاثة :
الأول : تعلـّم أحكام الحج.
فهي في غاية الدّقـّة
وعلموهم المسائل بكل دقّة ومتانة ولا تعجلوا
ولا تجيبوا عن أي مسألة إلا بعد تأمل وتدقيق فيها.
فمن الممكن ان تقعوا في الاشتباه...
ذلك الشخص الذي حضر ,
ورد في نصوصنا الفقهية الصحيحة في بيان أهمية امر الحج ان
من استطاع الحج ولم يفعل
فانه یموت یهودیا او نصرانیا.
فهذا الحج بهذه العظمة
لو قمتم باعطاء فتوى ما
دون تحقق وتأمل فيها
وفسد ذلك الحج وبطل,
فما النتيجة التي ستحصدونها حين ذاك ؟
النتيجة هي التالي: كل مفت ضامن .
ويقع ذنبه على عاتق وفي رقبة ذلك المفتي .
هذه هي أهمية هذا الامر.
فالوظيفة الاولى هي تعلـُّم أحكام الحج.
ولا تضعفوا عن ذلك والتفتوا الى الأجر والثواب:
جاءت امرأة الى الصديقة الكبرى(ع), وما أدراك من فاطمة الزهراء؟
فاطمة الزهراء تلك المرأة التي...
ان غاية درجة العصمة في البشر ان يصلوا الى مقام
يكون غضبهم فيه لله ورضاهم له تعالى
وهذا هو منتهى كمال البشرية
لكن فاطمة بلغت مقاما يغضب الله فيه لغضبها
ويرضى فيه لرضاها
انها تلك الجوهرة التي قال فيها النبي (ص) :
ان الله یغضب لغضبک
و یرضی لرضاک.
لقد اجتمع جميع نقاد الرجال والحديث على مدى الف واربعمائة سنة على
أن يخدشوا في سند هذا الحديث لكنهم عجزوا عن ذلك.
هذا الحديث قطعي الصدور عن خاتم النبيين (ص).
و ما ینطق عن الهوی.
وهذه الجوهرة اصطحبها خاتم الانبياء في المباهلة
اصطحب معه أمير المؤمنين (ع)
والحسنين (ع) اللذان يزين الله بهما عرشه
لكن عليه ان يتمم عناصر تلك المباهلة بـ "نسائنا ونسائكم "
وهذا الجمع "نسائنا " منحصر بفاطمة (ع).
وعلى أي حال فإنها تلك الجوهرة التي دفنت ليلاً سراً
والهبت مشاعر العالم والانسانية
على أي حال, فقد جائتها امراة وسألتها مسالة
فأجابتها فاطمة. ولم تفهم المرأة الجواب
فأعادت عليها السؤال وأجابتها الزهراء (ع).
إلى أن بلغت عشر مرات والزهراء (ع) تجيبها
وفي المرة العاشرة اعتذرت لها المرأة بأني أثقلت عليك
وتلك الكلمات التي قالتها فاطمة ذلك اليوم هي لكم
إنها مدهشة حقا, قالت :
انا من عليه شكرك , هاتي وسلي عما بدا لك
أرأيت من اكتري يوماً ليحمل حملاً ثقيلاً
على أن يصعد به الى سطح
وكراؤه مائة الف دينار أيثقل عليه ؟
قالت : لا فقالت :
اكتريت انا لكل مسالة
بأكثر من ملء مابين الثرى الى العرش لؤلؤاً .
هذا هو أجركم ايها السادة.
ولذا عليكم التريث والدقة وأن لا تجيبوا إلا ّ بعد التحقيق.
والركن الثاني المهم :
عليكم التسلط على الشبهات التي يلقيها المخالفون
وعليكم بتحليلها وتفنيدها
وحينها كيف ستكون النتيجة؟
وكم هو أجر ما ستفعلونه ؟
إن أجر ذلك هو التالي:
ذلك العمل الأول ,وعظمته ,وهذه ثمرته
وهذه هي وظيفتكم الثانية : ـ التسلـّط على الشبهات ـ
فما هي عظمة هذه الوظيفة ؟ وما ثمرتها ؟
أولاً : إن الشبهة التي تلقى هنا وهناك...التفتوا جيداً
حينما يدخل الميكروب الى بدن الانسان السالم
فان الجهاز المناعي يقوم بمحاربته ودفعه في حال كانت مناعة الانسان قوية
لكن اذا كان ذلك الجهاز ضعيفاً فماذا سيحصل؟
سوف ينتشر الميكروب في بدنه شاء أم أبى.
ويسري في جميع بدنه شيئا فشيئاً كالجذام
الشبهة في الأرواح والنفوس كالميكروب في الأبدان.
وهذه النفوس الصافية التي تقدم من ايران الى هنا
وهؤلاء الحجيج ذوو القلوب الصافية من جميع الشبهات والكدورات
اذا ما قام احد المفسدين في هذه البقاع بإلقاء شبهة في نفوسهم
تلك النفس ستتأثر بسبب ضعفها
إنها مسؤولية جسيمة,
نعوذ بالله من التقصير في هذا المجال
هذا هو فعل الشبهات.
من هنا كان عليكم التسلط اثناء دراستكم
على الشبهات المطروحة, والرد عليها ودفعها .
فما هو أجر عملكم هذا ؟
إن أجر ذلك هو : ... دققوا معي مرة اخرى في هذه الرواية
قال (ع) : إذا كان يوم القيامة
فضل العالم على العابد بسبعين درجة
فالفارق بين مقام العالم ومقام العابد سبعون درجة .
بين كل درجتين حضر الفرس سبعين عاما
هذه هي المسافة بين المقامين .
ثم علل ذلك في الرواية
فقد ذكر الإمام العلة في ذلك في الرواية فقال :
ذلك العابد الذي يقضي عمره بالعبادة
وليست بالعبادة الباطلة؛ بل المقبولة عند الله تعالى
مع ذلك فذلك أجره وتلك منزلته
فما هي العلة إذاً في ذلك الفارق بينهما ؟
العلة التي ذكرها الامام (ع) قال:
إن العابد يقبل على عبادته وعلى نفسه
ولكن العالم أزاح شبهة ً عن مبتلىً بها
إن الشبهة اذا ما دفعتها عن احد
إذا ما صنت فرداً من مرض ما فان ذلك الأجر من نصيبك
وعلى أي حال عليكم معرفة قدر هذه النعمة
هذا هو حجم هذه المسؤولية
وهذا هو الاجر والثواب عليها
عليكم تفهيم الحجاج حقيقة هذه البقاع
وكنه ما فيها
أنا لا أستطيع أن أقول ذلك
لكنني أقول لكم كلمة وهي :
تلك مكة التي لها تلك العظمة
وذلك المقام
و الكعبة التي لها هذه الموقعية وتلك المنزلة
عليكم بالتفكير
لا في يوم أو يومين، بل سنة
ولن نصل الى كنه هذه الأمور
تلك مكة، مع تلك الكعبة وبانيها إبراهيم الخليل
نجد أن الباري عز وجل يخاطب صاحب هذا القبر فيقول:
لا اقسم بهذا البلد
وأنت حلّ بهذا البلد
يقسم الله بمكة
والسبب في قسمه بمكة
ذلك بسبب وجود شخص النبي (ص) فيها .
هذا كلام الله تعالى
فمن هي تلك الشخصية ؟ ومن هو صاحب هذا القبر؟
الم نشرح لك صدرك.
اقرأوا القرآن لتروا :
وعلـّمك ما لم تکن تعلم
وکان فضل الله علیك عظیما
ذلك الإله العظيم يذكره بالعظمة
ثم يقول تعالى في آخر المطاف:
«و رفعنا لك ذکرك»
فإلى أين رفعه؟
تأملوا الى اين ارتقى باسمه المبارك
وافهموا حقيقة المقام الذي بلغ ذلك المسمى
ورفعنا لك ذکرك.
لقد رفع اسمه (ص) حتى صار قريناً لاسمه تعالى:
اشهد ان لا اله الا الله
اشهد ان محمدا رسول الله
اننا نقول في كل صلاة: اشهد ان لا اله الا الله
وحده لا شریك له
وأشهد أن محمدا عبده و رسوله.
فصار اسمه (ص) مقارناً لاسمه تعالى.
ينبغي معرفة النسبة بين المسمى والمسمى الآخر
جف القلم .
اللهم کن لولیك الحجة بن الحسن صلواتك علیه وعلی آبائه في هذه الساعة و في کل ساعة ولیا وحافظا وقائدا وناصرا ودلیلا وعینا حتی تسکنه ارضك طوعا وتمتعه فیها طویلا.