و بما أن الآن أیام عاشوراء ، یبقی هذا البحث لوقت آخر .
لنا ثلاث مهام في هذه الأیام :
فواحدة بالنسبة لنا ،
و أخری بالنسبة للناس
وثالثة بالنسبة لمن ینتسب إلیه الأیام .
و الأقسام الثلاثة مفصلة و إجمالها أنه :
الحمد لله ربّ العالمین و صلـّی الله علی سیّدنا محمّد و آله الطاهرین سیِّما بقیـّة الله فی الارضین واللـّعن علی أعدائهم الی یوم الدّین
انتهی البحث حول سند الحدیث ، و البحث في دلالته ،
و بما أن الآن أیام عاشوراء ، یبقی هذا البحث لوقت آخر .
لنا ثلاث مهام في هذه الأیام :
فواحدة بالنسبة لنا ،
و أخری بالنسبة للناس
وثالثة بالنسبة لمن ینتسب إلیه الأیام .
و الأقسام الثلاثة مفصلة و إجمالها أنه :
سنحت لکم فرصة
التي تمر مر البرق
و تبقی حسرته العظمی لنا فردا فردا ،
و هي أنه
کل واحد منهم یمکنه أن یتصدی لهدایة النفوس ،
و هذه الکلمة سهلة البیان
لکن الوصول إلی کنه المطلب في غایة الصعوبة .
التحزیز الوارد في آیة النفر یشیر إلی أهمیة الأمر .
}فَلَوْلَا نَفَرَ{.
لماذا هذا النفر ؟
}لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ{.
فنفس شرح هذه الآیة لا یتیسر في هذا المجال .
متعلق الهیئة هي مادة ،
و تلک المادة مضافة .
فهم کل واحد من هذین -فلیتأمل أهل النظر - صعبة للغایة .
متعلق الأمر ، هو التفقه .
ثم نفس التفقه ذو هیئة و مادة .
یلزم أن یفهم الهیئة و المادة أیضا .
ما هي الهیئة ؟
بین الهیئات المختلفة هذه هیئة التفعل .
ما هي المادة الداخلة تحت هذه الهیئة ؟ هي الفقه .
الفقه أمر ذات تعلق .
الفقه ، في القرآن بمعنی الفهم .
ما هو متعلق هذا الفهم ؟ هو الدین .
ما هو هذا الدین ؟ هذا هو الدین الذي
}إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ{.
هو ذاک الدین الذي کان أمنیة إبراهیم الخلیل مع عظمته حین بناء البیت أن :
}رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ
وَمِنْ ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُسْلِمَةً لَكَ{،
ثم الآن عملکم هو التفقه في الدین
لکن هذا العمل لا یتیسر بهذه السهولة
یا للأسف مضی العمر و عندما کنا نستطیع فما فهمنا ،
و لما فهمنا فما استطعنا .
یا لسعادة الذین فهموا عند استطاعتهم .
طریق الوصول إلی هذا الهدف لیس الدرس و البحث فقط .
یلزم شیئا آخر . ماهو ؟
إن انتهجتم هذه الطریقة من الیوم ،
سوف تشعرون بذاتکم ، تحول النفس .
تفهموا الحدیث جیدا. هذا هو الحدیث :
"اشراف امّتی ...".
و لهذا الحدیث شرح أیضا .
أولا أمته أي أمة ؟
}وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا
لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ{.
هذه قیمة أمته .
الشهداء علی عامة البشر هم أمته .
و الحال یجب أن نری من هم أشراف هذه الأمة ،
و اولئک الأشراف الذین ینصب الخاتم وسام الشرف علی صدورهم .
"اشراف امّتی حملة القرآن واصحاب اللیل".
تتلخص في کلمتین :
الشرف ، و ذاک الشرف الذي یعترف به أشرف الکون
یجمع في کلمتین :
"حملة القرآن واصحاب اللیل".
فابدؤا من الیوم ،
لا یمر علیکم یوم بدون استثناء إلا مع هذا العمل
و لا تمر علیکم لیل إلا مع هذا العمل .
أما الیوم، "حملة القرآن".
}فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ{، إقرؤا القرآن قدر المیسور ،
لکن یجب سلوک الطریق علی نهج یبلغ المقصد بسرعة .
جمیع دقائق الکمال متشتتة في الروایات ،
یجب أن تجمع هذه .
ذکر هذا الکلام هنا ،
و ذکر في موضع آخر أیضا کیف تصبح حاملا للقرآن .
إقرؤا القرآن ، لکن إهدوه إلی صاحب العصر ، ولي الزمان .
اجعلوا العمل منفصلا عنکم وأوصلوه به .
ثم ماذا یصنع هذا ؟ لذلک بحث فني عظیم .
نفس انقطاع العمل عن النفس ،
و ربط العمل بمبدء فیض الوجود ،
یصبح کالإکسیر الذي یقلب المعدن .
هذا القرآن یغیر الروح . هذه الکلمة الأولی.
الکلمة الثانیة هي: "اصحاب اللیل".
بأية حالة أمکنکم استیقظوا نهایة اللیل .
تفکروا في هذه التي أقولها . و تدققوا جیدا .
ما هو المقام الذي هو أعلی المقام ؟
ذلک المقام الذي عینه الله للشخص الأول في الکون .
و بعد من ناحیة العقل و النقل ، لا یعقل غیر هذا ،
فعندئذ قد وعد الله مثل هذا المقام لمثل هذا الشخص لکن مع خصوصیة واحدة ،
قال : }وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَكَ
عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا{.
من هنا یجب أن یفهم کیف مضت حیاتنا ،
و لم نسر الطریق ، و لم نبلغ هذا الشرف .
"اشراف امّتی حملة القرآن واصحاب اللیل"
إذا أصبحتم هکذا ، تتصل النفس بمبدء النور .
تمد من هناک .
عندذاک سوف یفهم البشر ما هو أثر تربیة هذا الدین .
هذه نسخة عملیة لا تتم بالکلام فقط .
هذا الواجب الذي یجب أن نقوم به مع أنفسنا .
أما الواجب الذي یجب علینا مع الناس ، هو انتهاز هذه الفرص .
فاجتهدوا في هذه العشرة[عاشوراء] التي هي ربیع القلوب ،
أن تصنعوا هذین الأمرین بأي وجه أمکن ،
حیث لا عمل أفضل عند الله من هذین :
العمل الأول هوهدایة الضال عن الله إلی الله .
ردوا العبد الآبق عن مولاه إلی عبودیته .
هذه الکلمة الأولی .
الکلمة الثانیة هي أن الشخص الذي ضیّع إمام زمانه ،
عرفوه إمام زمانه .
اقضوا مجالسکم حصریا في هاتین الکلمتین .
قیمة هاتین إذا بهذا الحد .
لا تخسروا هذا الحظ و لا یفوتکم .
أولا حققوا ذلک القرآن و اللیل .
ثم تصدوا لهدایة الناس .
فثم یکون أثره هذا :
إذا استتبتم مذنبا من الذنب،
إذا عرفتم إمام الزمان للجاهل بإمام الزمان ،
فأجرها یعادل ثواب صوم مائة سنة بأیامها ،
و قیام اللیالي بالعبادة حتی الصباح .
اغتنموا الفرص فلا تفوتنکم .
أما المطلب الثالث :
ما هي وظیفتنا تجاه صاحب هذه الأیام .
هل فهمنا أن أي دم سفک .
هل علمنا من هو الذي قتل .
روی الشیخ الطوسي ، الشیخ الصدوق ، ابن قولویه لهذه الروایة .
یکفي قصیرا من هذه الروایة ،
لأنه أین ؟ أین هو نفسه ؟ لا یعلم أحد ،
فالذي یمکننا أن نقول ، هو أنه
طیب إقرؤا ما بقی من هنا .
هذا نص الحدیث الصحیح الذي
مثل الشیخ الأنصاري یفتي في موارد الاحتیاط في النفوس وفق سند هذا الحدیث.
فالمسألة في هذا الحدیث هي :
"اشهد..."
هذا کلام حجة الله ، اللسان الذي عصمته مضمونة .
"اشهد انّ دمک سکن فی الخلد"،
من ذا الذي یفهم أن الحسین بن علي من هو .
و أین الخُلد .
في ذاک الملإ الأعلی الذي مرکز قدیسي العالم ،
دمه یکون زینة ذاک العالَم
فالذي جسمه هناک ، فأین یکون روحه ؟
من ذا الذي یفهم أن المقتول من هو .
کیف قتل . و لأجل ما قتل .
قال الإمام الصادق للحسین بن ثویر :
یا حسین ! من یذهب لزیارته ....،
من هنا یجب نفهم ما هو المطلب ؟
لسنا بذاک الحد الذي نعرف نفسه .
فیجب أن ننظر
ما هي المرحلة الأخری التي شعت علیها شعاع وجوده ،
ثم نستکشف ما هي تلک الشمس و أین هي .
لما تشع شعاعه علی زائر قبره فهو ذا
قال : إن ذهبت ماشیا ،
کتبت لکل خطوة منک حسنة ،
وتمحی منک سیئة .
فإن ذهبت راکبا ، فأینما خطی فرسک ،
أیضا تکتب بکل خطوة حسنة و تمحی سیئة .
لکل هذه معاني ،
یعني یهذبوک من هناک ،
یجردوک حتی تستأهل .
فإن الأمر المذهل هو أنه قال :
لما وصلت إلی باب الحائر ، وصلت إلی باب الروضة ، جعلک الله من المفلحین .
أنا نفسي مازلت حیران أنه ما الخبر .
لما وصلت باب روضته تصبح من المفلحین .
ما معنی المفلحین ؟
راجعوا القرآن ، و انظروا ما هي شروط الوصول إلی الفلاح ،
ثم اعلموا أن هذا النظام أي نظام .
إقرؤا سورة المؤمنون :
}قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ{
لکن من هم ؟
}الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ{.
مع تلک الخصوصیات حتی یصل إلی هنا :
}وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ{.
لما وصل إلی هنا یصبح من المفلحین .
هذا المنزلة عظیمة إلی حد ،
}ذَلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ
هُدًى لِلْمُتَّقِينَ ،
الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ
وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ
وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ ،
وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ
وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ
وَبِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ ،
أُولَئِكَ عَلَى هُدًى مِنْ رَبِّهِمْ
وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ{.
بزیارة واحدة له بالوصول إلی باب حائره یصبح من المفلحین .
ماهذا الإکسیر الذي یقلب هکذا .
یبدل حدیدا إلی الذهب الأحمر ، إذ مشی في طریق مشهده .
ثم المهم هذا . تفکروا في هذه الدقائق .
قال : لما فرغت من مناسکک ....
فهنا حج البیت ،
مع هذا الفارق أن ذاک الحج ، حج البیت ،
و هنا حج ذات الله .
الحج ، هو القصد ،
المقصد هناک عبارة عن الکعبة ،
لکن المقصد هنا زیارة ذات الله ،
لأنه ورد بالنص الصحیح :
"من زار الحسین کان کمن زار الله فی عرشه".
ثم لما فرغت من حج الله ،ماذا یحدث بعد ؟
فالذي یذهل العقول هو أنه ، قال :
لما فرغت من مناسکک
کتبک الله من الفائزین .
فبعد من درجة المفلحین ، من باب مرقده إلی موضع رأسه ینقلب إلی الفائزین .
فعندذا ماهي درجة الفائزین ؟
یجب أن یلاحظ کلام الله حتی یفهم الحدیث .
}الَّذِينَ آمَنُوا...{.
والحال انظروا ، أي دقائق هنا ،أي شروط ، حتی یصل إلی هنا .
}الَّذِينَ آمَنُوا وَهَاجَرُوا{. هذه الکلمة الثانیة ،
}وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ
أَعْظَمُ دَرَجَةً عِنْدَ اللَّهِ
وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَ{.
درجة الفائزین هي هذه الدرجة .
}يُبَشِّرُهُمْ رَبُّهُمْ بِرَحْمَةٍ مِنْهُ وَرِضْوَانٍ
وَجَنَّاتٍ لَهُمْ فِيهَا نَعِيمٌ مُقِيمٌ ،
خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا
إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ{.
فعندئذ هذه المرحلة التي هي مرحلة کمال السعادة البشریة ،
رهینة زیارة موضع الرأس من ضریح الحسین بن علي .
هذا الذي زیارة قبره یقلب النفس هکذا ،
فهل ، عندما تأتي أمه یوم القیامة
مع تلک الضلع المکسورة ، و الساعد المتورمة ،
تطرح علی رأسها ذاک الثوب الذي ملطخ بمثل ذاک الدم ،
فماذا یحدث ؟ و ماذا یصنع ؟
فلهذا یجب أن تصرخ هذه المملکة في هذه السنة صرخة واحدة : "یاحسین" .
یجب أن تصبح أرجاء المملکة نوحا ، صیاحا في عزاء مثل هذا الشخص ....
انقلب عالم .
تظن الناس أن هذه المآتم في حد الإفراط ،
أین العقل ؟ أین الشعور ؟
کلما یوجد إنما هو تفریط .
فإن الواقعة واقعة ورد النص الصحیح بأنه :
بکی علیه جمیع الخلائق .
"بکت السماوات السبع".
"بکت علیه السماوات السبع والارضون السبع،
وما فیهنّ و ما بینهنّ،
وما یُری وما لا یُری".
یجب أن یتیقظ الناس .
قد صرح ابن حجر الهیتمي ،
و ضبط جمیع رجال العامة -الذین هم أهل حدیث ورأي - أنه :
لما رفع رأسه علی الرمح ،
ففي جمیع أنحاء الأرض أینما رفعوا حجرا ، نبع الدم .
ما هي مسؤلیة الناس في أیام عاشوراء ؟
یا شیعة علي بن أبي طالب لا تصغوا إلی هذه الأباطیل .
فإن قصرت أیدیکم عن ساحته ،
کنتم خاسري الدنیا و الآخرة .
بقی هذا الدین ، هذا التوحید ، هذا القرآن ، حیا بدمه فقط .
هو الذي صنع بهذه الخطوة ، بهذه العملیة ، ما
عصم الدین من الخطر إلی یوم القیامة .
"وأوضح بك الكتاب...
وأوضح بك الكتاب". أزاح الستار عن وجه قرآنه .
هو أحیا الإیمان و الدین .
لماذا یطوف ۱۲۴۰۰۰ نبي بقبره کالفراشة ؟
لأن لولا وجود عاشورائه ،
لذهبت جمیع ما أتی به الأنبیاء و المرسلون إدراج الریاح .
اللهم صلّ وسلـّم علیه، صلاة دائمة،
اللهم صلّ علی الحسین وعلی علیّ بن الحسین
وعلی اولاد الحسین وعلی اصحاب الحسین.