یتوقف هذا الأمر علی أنه
أولا . یتبین الفاصلة بیننا و بین أهل ولایته
حتی تصل النوبة إلی أن ندرک أنه
هذه الحقیقة لا تدرک و لا توصف
الحمد لله رب العالمین و صلی الله علی سیدنا محمد و آله الطاهرین سیما بقیة الله فی الارضین واللعن علی أعدائهم الی یوم الدین
انتهی البحث إلی إیراد المحقق العراقي علی الشیخ الأنصاري ،
طلب جماعة أن نتکلم حول الإمام الخامس ،
یتوقف هذا الأمر علی أنه
أولا . یتبین الفاصلة بیننا و بین أهل ولایته
حتی تصل النوبة إلی أن ندرک أنه
هذه الحقیقة لا تدرک و لا توصف
التلفظ بهذا الاسم سهل
لکن الوصول إلی المسمی في غایة الإعضال و الإشکال ،
أولا : کمیة العلوم المنشرة من ذاک الإمام ،
ثم : الکیفیة ،
و کلا البحثین مجهدة للغایة .
سوی طبقة خاصة لا یکون غیرهم في مستوی إدراک المطلب أبدا.
فمحمد بن مسلم وحده تلقی ستة عشر ألف حدیثا حیث
حدیثا واحدا من فقهه یحتاج إلی أن یبحث فیه مدة شهر ،
مثال المطلب هذا :
قال لجابر بن یزید الجعفي :
أوصیک بخمس :
الأول : إن ظُلمت فلا تظلم ، فلا تظلم حتی إلی الظالم .
یجب أن یُمحی عنوان الظلم من ذاتک .
ننقل هذه الروایة بمضامین تقرب المطلب
حتی یتضح أن لا حدیثا واحدا منه
بل جزءا من أحد أحادیثه
کاف لإصلاح دنیا الإنسان و آخرته .
الثاني : قال : إن خانوک فلا تخن ، فلا تخن حتی إلی الخائن ،
ثم وصل إلی الثالث :
إن کُذّبت و نسبوک إلی الکذب ، فلا تحزن تجاه هذا التکذیب .
إن مدحوک فلا تفرح .
فإدراک کل جملة مذهلة بالمرة .
الصفات النفسانیة غیر أفعال النفس .
أفعال النفس من القول و العمل تکون باختیار الإنسان .
فإن الإنسان یبلغ في هذه المدرسة درجة بحیث غضا عن الأفعال ،
تصیر الصفات باختیاره .
فلهذا السبب خلاصة الحکمة العملیة من جمیع حکماء العالم مجتمعة في قطعة من بیانه
إن مُدحت فلا تفرح .
إن ذُممت فلا تجزع
من أین بدأ هذه الکلمات و إلی أین ختمت .
کل منها استقرت في أي مقر ،
هذه اللطائف التي تُظهر أنه باقر علوم النبیین .
أول کلمة ابتدأها قال :
إن ظُلمت فلا تظلم .
هذا المقدارکاف لبیان سر أن هذه هي الکلمة العلیا ،
فقه الحدیث یکون مهما ،
درایة الحدیث لازمة .
یا للأسف مضی عمرنا
ولم نحظی من لطائف کلمات هذا الجمع ، و لم نتدقق فیها .
لماذا ابتدأ أولا بالظلم ،
ثم لماذا صارت الخیانة ثانیا .
لکل منها بحث خاص به
سر الابتداء بالظلم هو أنه
دعامة الانسان العقل.
لکل مرکب و لکل معجون عمود ، و رکن ،
الإنسان هو معجون :
انا خلقنا الانسان من نطفة امشاج.
هذا البدن ، مرکّب .
الدماغ و اللب و الروح أیضا مرکب .
الجسمانیات و الروحانیات کلها مؤلفة .
دعامة هذا المعجون و عمود خیمة الإنسانیة هو العقل .
دعامة الانسان العقل .
مثل العقل فی القلب کمثل السراج فی البیت .
هذا السراج الملکوتي الذي استنیر في روح الإنسان بأفضل التعابیر ،
هو تعبیر ولي الله الذي هو شاهد الخلقة :
ألا،فاعلموا مثل العقل في القلب مثل السراج في البیت .
نسبة الظلم إلی العقل ، هي نسبة الظلمات إلی النور .
الظلم ، هو ظلمات العقل ،
ینطفئ نور العقل في البشر الذي ظهرفیه الظلم .
فلهذا السبب بدأ أولا بالظلم .
إنما یفهم خصوص هذا الأمر أي لماذا ابتدأ بهذه الکلمة، مَن
یعرف حقیقة الظلم أولا ،
ثم بدایة الظلم ، ثم نهایة الظلم ،
فعند ذاک یتبین لماذا الابتداء ؟
حقیقة الظلم هي التعدي عن الحق .
یجب أیضا أن یُعرف الحق حتی یُعرف التعدي عن الحق .
تکفي آیة و روایة لکي نفهم من هو باقر العلوم ؟
راجعوا القرآن . تدققوا أسلوب بیان الله
و لاتحسبن الله ،
هذه الجملة و هي مع نون التأکید الثقیلة .
و لا تحسبن الله غافلا عما یعمل الظالمون
انما یؤخرهم لیوم تشخص فیه الابصار .
هذا البیان یفهمنا ماهیة الظلم .
یؤخرهم لیوم تشخص فیه الابصار .
أیضا بیّن في نفس القرآن في موضع آخر
ان ربک لبالمرصاد ،
ثم قال حجة الله :
المرصاد موضع علی الصراط ،
لا یمکن أن یتجاوز من تلک النقطة کل من علیه مظلمة .
فلهذا السبب بدأ أولا بهذه الکلمة .
أما الحدیث : أسلوب الخطاب مذهل .
جاء الخطاب :
یا اخا المرسلین! یا اخا المنذرین! انذر قومک.
لم یرد هذا التعبیر في أي روایة إلا هنا ،
یا اخا المرسلین! یا اخا المنذرین! انذر قومک.
فسأل : بماذا أنذرهم ؟
فأوحي : أنذر :
لا یدخل أحد في بیت من بیوتي بحیث إذا دخل بیتي و أقام الصلاة ...
ما هي الصلاة ؟
الصلاة تلک الحالة التي عندما یقوم المصلي للصلاة
تنزل الرحمة من موضع قیامه إلی السماء ،
أما المسألة هنا هي أنه :
إذا دخل بیتي
و قام إلی الصلاة و کان في رقبته مظلمة
فمادام کان قائما للصلاة فأنا ألعنه .
هذه هي حقیقة الظلم .
هذا هو سر ما قال أولا :
ان ظُلمت فلاتظلم .
وذاک تارة لا یظلم أحد بدوا ،
وتارة یصل إلی حد أنه یظلم إلیه
لکن لا یظلم إلی الظالم .
هذا القدس و الطهارة في الذین تربوا علی یده .
ثم بعد ما ذکر کل هذه المطالب ، احتج :
لماذا أوصیک بأن إذا مدحوک فلا تفرح ،
إن ذموک و قدحوک فلا تجزع ؟
یجب أن یرتقی الروح تحت یده کذلک کي یبلغ هذه الدرجة .
ثم خلاصة بیانه هذا :
لا یخلو من حالتین :
فإما الذي ذمک بها موجود فیک و إما غیر موجود .
إذ لا منزلة بین النفي و الإثبات .
فإن کانت الذمیمة موجودة فیک
متی یقاس سقوطک من عین الله بالسقوط عن أعین خلق الله .
النسبة نهائیا ، نسبة الوجود و العدم .
فإن کانت موجودة فقد سقطت بالغضب-الذي غضبت أمام کلمة الحق- من عین الله .
و هذه المصیبة غیر قابل للقیاس مع السقوط عند الخلق .
ما قیمة السقوط عند الناس ؟
لا ثبوته ، ولا سقوطه ،
یأخذنا نعاس لا أنا أعرفک ، و لا أنت تعرفني .
فإذاً السقوط عندي و عندک أي مصیبة ؟
إنما المصیبة هي أن تسقط عن العین التي لا تأخذه سنة و لا نوم .
فإن کان فیکون هکذا .
و إن لم یکن -ذموک بما لم تکن فیک -
قد أوجرت بدون تعب .
بدون نصب وصلت مقام العبادة و الطاعة و نلت أجر المطیعین و العابدین .
ثم قال : یا جابر :
ههنا نکتة مهمة ، تفهموا جیدا هذه النکت
أبلغوا أیضا إلی الناس مثل هذه من بیانات أهل البیت کما هي .
قال : یا جابر ! لیس ولینا
إلا الذي لو اجتمع أهل مصر و بلد
اتفق جمیع أهل البلد علی صلاحه ،
فلا یفرح أبدا و لا یؤثر فیه .
هذا هو ولینا ،
لو اجتمع جمیع أهل مصر و یقولوا : أنت سیئ
لا یتأثر و لا یظهر فیک جزع
ثم بعد هذاکله هذا ولیه .
أین نحن و ولایته ؟ أهل ولایته هو هذا .
نتبسط ، إذا یمدحنا واحد ،
نتقبض . إذا یذمنا أحد ،
لا ینال ولایتنا الذي یکون غیر هذا
إلا أن یعرض نفسه علی کتاب الله .
ثم قال ماذا ؟ قال :
إذا عرض علی کتاب الله ، رأی أنه سالک سبیل الله ،
هذه الکلمة الأولی ،
فهو زاهد في ما زهد فیه ،
راغب في ما رغب فیه ،
إذا بلغ ههنا فعندذلک یکون مسرورا .
یکون السرور عندذلک لولینا .
هؤلاء هم أهل ولایته .
ما قدر الفاصلة بیننا و بینهم ؟
ثم کم هي فاصلتهم مع مبدإ النور الذي هو متصل بنور الأنوار ،
هذا حدیث واحد منه .
لو یُتبع هذا الحدیث فإلی أي مقام تصل الإنسانیة ؟
إلی أي رفعة یصل مقام الإنسانیة ؟
مثل هذا الذي رسول الله ...
ذاک الذي یسلم الله علیه
جمیع ۱۲۴ ألف النبي کلهم یأملون أن یسلمون علیه
قال : یا جابر یجب أن تبقی أنت
حتی تبلغ سلامي إلی باقر علم النبیین
فحیاة جابر أصلا کانت ببرکة دعاء النبي مقدمة لإبلاغ هذا السلام .
لما وصلت إلیه ،أبلغه سلامي .
هو باقر .
هذا اللقب الذي لقبه بها من هو
وما ینطق عن الهوی ان هو الا وحی یوحی.
اتفقت الکلمة ، أثبت جمیع أعیان علماء العامة أنه
تعین لقب الباقر من النبي لمحمد بن علي .
ثم هو نفسه فسّر هذا اللقب .
باقر ، لماذا ؟
لأنه یبقر علوم النبیین .
و بعد فالبحث في هذه الکلمة فوق سعة هذا الوقت .