فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة
ليتفقهوا في الدين
ليتفقهوا، مادتها: الفقه
و هيئتها: هيئة التّـفعّل، ليتفقهوا في الدين
و في نفس هذه المادة بحثٌ مهم، و في الهيئة بحث آخر.
الحمد لله رب العالمين و صلي الله علي سيدنا محمد و آله الطاهرين لا سيما بقية الله في الارضين و اللعن على اعدائهم الي يوم الدين
كان البحث في الشروط، و لأن هذا البحث له إمتداد،
و هو بحثٌ مهم، فنرجئه إلى وقتٍ لاحق.
فنحن على أعتاب محرم الحرام. هذه الآية يلزم أن تقع مورد التأمل و الدّقة العميقة.
فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة
ليتفقهوا في الدين
ليتفقهوا، مادتها: الفقه
و هيئتها: هيئة التّـفعّل، ليتفقهوا في الدين
و في نفس هذه المادة بحثٌ مهم، و في الهيئة بحث آخر.
و خلاصة الكلام:
أن على عقول البشر أنْ تهضم فقه الدين و فهم الدين.
أولا: يلزم معرفة ما هو هذا الدين؟
فإذا لم يعرف الدين، لم يُعرف فقه الدين.
إنَّ الدين عند الله الإسلام
الدين الذي هو محصول كل بعثة الأنبياء،
ففِقه هذا الدين و فهمه، في أيّ حدّ من الأهمية؟
العلة المبقية لهذا الدين هو فقط قيام سيد الشهداء.
و فهم هذا المطلب العظيم الذي
تكون حصيلةُ بعثةِ الأنبياء، و نزول كل كتب السماء مَدينةً لهذا القيام العظيم
ففي أيَّ درجة من الأهمية يكونُ حينئذٍ؟
في أيّامنا هذه تُـثار الشّبهات!!!
فيلزم عليكم جميعاً أنْ تتجهّزوا في جهتين:
جهة النفي، و جهة الإثبات
يمكن بسبب تراكم الجهل أن يصِل الأمر
إلى أنْ يتصوّر البعض
بأنّ هذا العزاء، و الهيجان، و الضّجة إفراطٌ
و موجب للوهن.
يلزم فَهْم أنَّ مَنْ يَرى
تعظيمَ هذا اليوم، و تكريم هذه النّهضة إلى هذا الحدّ يَرونَهُ موجِباً للوهن.
مَن هم؟ لا يخلو أمرهم عن أحد هذين القسميْن:
۱ـ مَن يرتبطون بالإسلام
۲ـ مَن هم منحرفون عن الإسلام
أمّا من يدّعي الإسلام، و توهّم بأن
هذه الضّجة، و هذا الهيجان و الأنين لا معنى له!!
هؤلاء قد ابتلوا بدوّامة
لو اجتمع كلّ علمائهم
لما تمكّنوا من الخروج منها و لما استطاعوا الجواب عمّا سأذكره لكم
فنفس أولئك الذين يستصغرون عاشوراء
و ينظرون إلى شعائر هذا المذهب بنظر الوهن
هم الذين يعتقدون بأنّه
في كل ليلة جمعة ينزل الله من السماء إلى الارض
و يبقى فيها من أول الغروب إلى طلوع الشمس
عندها شدّ رحاله راجعاً إلى السماء.
فهل لهكذا ملّة واهمة و مذهب موهوم أهلية
أن ينظر إلى عاشوراء و شعائر التّـشَيُّع بنظر الوهن؟!
فهم بهذا المقدار من فقدان الإدراك، و بهذا الحدّ من انخفاض الشعور
بحيث لا يدركون مِن أنّ الله لو كان ليلة الجمعة في الأرض
فكيف تخلو السماء منه تعالى حينئذٍ؟
و في مدة أسبوع عند رجوع الرّب إلى السماء
فماذا تصنع الأرض إذا خلَـت منه تعالى؟
و مع التجاوز عن هذه الدقائق الفلسفية، إعرفوا قَدر هذا المذهب!
هذا المطلب الذي ذكرتهُ، هو عقيدة المذهب الذي
يواجه التشيع اليوم، و يدّعي أنه حامل راية التوحيد،
و هم مغرقون في وادي الوهم و الضّلال!
فكيف يحقّ لمثل هؤلاء أن يتنَظّروا في عاشوراء؟
أما القسم الثاني الذي هم خارجون عن الإسلام
ابتداءً من البابا، و انتهاءً بأتباعه،
لو كانت لهم القُدرة فليخرجوا من دوّامة العشاء الرّباني!
فقد بلغ بهم الوهم و عدم إدراك الحقيقة إلى هذا الحد!
كلمتي هذه موجّهة إلى مئات الملايين من المسيحيين
و على رأسهم البابا
فلو كانت لهم القدر، فليجيبوا!
و ذلك الوهم هو أنهم:
في مراسم العشاء الرّباني يصنعون خميراً
و منه يصنعون خبزاً فيأكلونه
و عقيدة البابا و أتباعه أنّ
عيسى المسيح ذلك الذي
هو كلمة الله بنصّ الإنجيل
ذلك المسيح يصبح خميراً في هذا الطحين
و حينما صار خميراً يشرع أتباع المسيح بأكل ذلك الرّب،
فيختلط لحمهم و دمهم بالرّب.
و هذه أوهامهم التي يعيشونها.
و قمّة الخِسّة و الدّناءة هو أنْ
يتمّ ـ في هذا البلد ـ تضعيف الشعائر الحسينية
حتى نُرضي تلك الملل المستغرقة في الأوهام فلا ينظروا إلى تلك الشعائر نظرة إستخفاف.
المصيبة هي أنّ
يسيطر الجهل على الناس إلى هذا الحدّ فيتصوّروا
أن هذه الشعائر فيها إفراط و يلزم تقليصها و تقليلها
و لذا لزِم فقهُ الدين و فهمه.
كل هذه المصائب وليدة الجهل
و كل مظاهر العزاء في هذا البلد، و مع كل هذه المواكب،و تلك الهيئات
لا تُعَدُّ شيئاً في مقابل عظمة المصيبة
فلا هو عُرِف، و لا عُرِف عملُه!!
محمد بن علي القمي ذلك الذي
صحّحَ العلامة الحسن بن يوسف بن مطهر، صحَّحَ سنديْن للشيخ الصدوق و هو موجودٌ فيهما.
يعني وجود شيخ الشيخِ الصّدوق.
و هو يروي عن علي بن إبراهيم الثقة الثبت،
و عن إبراهيم بن هاشم
العدل الثقة،شيخ القميين في عصره.
عن الرّيانِ بن شبيب الموثّق بتوثيق النجاشي.
فالسند هكذا سند من جهة القوّة.
قال الرّيان الموثّق بتوثيق النجاشي:
دخَلتُ على الرضا عليه السلام في أول يوم من محرّم
دقّقوا جيداً و إفهموا ماذي يعني عاشوراء؟
و أيّة واقعةٍ كانت هذه الواقعة؟
فمن هو ذلك الذي ينطق بهذا الكلام، و مع هكذا سند؟
فالذي ينطق بهذه الكلمات هو علي بن موسى الرّضا
ذلك الذي تكون زيارته بحسب رواية صحيحة السند
يفتي على طِبْق ذلك السند مثل الشيخ الأنصاري-
تكون زيارة قبره معادلة لألف حجة لبيت الله
هكذا شخص هو المتكلّم في ذلك:
فقال: يا ابن شبيب أصائم أنت؟
فقلتُ: لا.
في اليوم الأول من المحرم. من هنا فكّروا!فقه الدين هو هذا
توجّهوا إلى تلك اللّطائف و الدّقائق، حتى تصلوا إلى عمق المطلب.
هذه عظمة اليوم الأول من المحرّم.
فبعد سؤاله عليه السلام، و جوابي، قال عليه السلام:
إنّ هذا اليوم هو اليوم الذي دعا فيه زكريا
فوهبه يحيى.
بركة اليوم الأول من أيام العزاء هي ذلك،
و الحديث مفصّل، نذكر ما يقرب من مضمون قسمٍ منه:
و بعد أن ذكر عليه السلام دعاء زكريا و إجابة دعوته
قال عليه السلام: فمن صام هذا اليوم ثم دعا الله
استجاب الله عزّ وجلّ له كما استجاب لزكريا.
كان هذا فاتحة الكلام
ثمّ أفاد عليه السلام جملةً
يستعصي عَليَّ نقلها، فكيف بفهمها؟
قال: يا ابن شبيب إن كنت باكياً لشيء فابك للحسين.
لشيء» أين من يفقه ذلك؟
<<إن كنت باكياً لشيءٍ>>
فهل هناك مفهوم أعم من كلمة <<شيء>>.
يعني مصيبة جميع الأنبياء تندرج تحت هذا المفهوم
و مصيبة جميع الاوصياء مندرجة في هذا المفهوم.
و هكذا مصيبة جميع الأولياء و الشهداء كلها تندرج في هذا المفهوم,
«إن كنت باكيا لشيء فابك للحسين»
منْ كان هو؟ و ماذا صنع؟ و أيّة واقعة كانت تلك الواقعة؟
أنتم أهل فضل، إذهبوا فتفكّروا!
إذا نظرت إلى يوم إبراهيم، فلا يوم كيوم الحسين.
إذا نظرت إلى يوم موسى، فلا يوم كيوم الحسين.
إذا نظرت إلى يوم عيسى، فلا يوم كيوم الحسين.
أذكر لكم جملةً أخرى و فيها الكفاية:
قال: روى أبي عن جدّي أنه قال:
لما قُتل جدّ الحسين أمطرت السماء دماً و تراباً أحمر.
هذا ما أخبر به أبي عن جدّي.
أنه لما قُـتل أمطرت السماء دماً.
فأيّة واقعةٍ كانت هذه الواقعة؟ و أيّة قضيّة؟
ذَكر الثعلبي... دقّقوا جيّداً.
و ليس الثعلبي فحسب، بل السيوطي.
بل ذكر ذلك المؤرّخون عامّة
و محدّثوهم و مفسّروهم.
رجال التفسير و رجال الحديث أيضاً.
كلّهم قد ذكروا هذه القضية:
أنه لما قُتل احمّر الأفق ستة أشهر.
و أقول ذلك للسّنة حتى يتفهّموا و ظيفتهم في يوم عاشوراء.
و أمّا وظيفة الشيعة فبحثٌ آخر.
إبن الجوزي في تحليله لاحمرار الأفق بيانه كالتالي:
عندما يتغلّب الغضب على إنسان، احمرَّ وجهه.
و لأنّ الذات القدسية لربّ الأرباب منزّهة عن الجسميّة
ظهر غضبه عند شهادة الحسين بن علي في إحمرار الآفاق في السماء.
هذا كلام فحلٍ من أكابر السنة!
فالقضية كانت مسلّمة و لذلك وصلت النوبة إلى التّوجيه العلمي لها.
هذا في منظور العامة.
و أمّا في نظر الخاصّة، فما هي وظيفة الشيعة؟
و هنا أيضاً نحتاج إلى كلمات الإمام الثامن.
أذكر لكم ذلك، و عليكم بالتفكّر فيه.
أولئك الذين يقولون: لا تلطموا على الصدور! و لا السلاسل على الظهور، ففيها الضرّر!
فهذه شبهات عدة من الجّهال يلقونها على عقول الناس
يلزم عليكم و بأقصى استطاعتكم أن تتسلحوا بفقه الدين.
خذ من الشيخ الطوسي إلى الشيخ الأنصاري، كلهم مجتمعين
لا يساوون نَفَسٍ واحدٍ من أنفاس الإمام الثامن.
مضافاً إلى ذلك: خذ من سلمان فمن بعده
كلهم يلزم ان يكونوا فداءً ليبقى نَفَسٌ واحد من أنفاسه.
هكذا مفدّى قال: <<إنّ يوم الحسين أقرح جفوننا>>
و أسبل دموعنا.
بكاء الإمام عليه السلام تحت اختياره
و بيان علي بن موسى هو<<إنّ يوم الحسين أقرح جفوننا>>
فكم قد بكى الإمام
حتى أصاب عينيه القرح.
هذا ما أصاب عينيْ الإمام الثامن.
فهو الذي يعلم أية واقعة قد حصلت
و هو الذي يعلم أي خبر قد و قع.
و لو أردتم أن تفهموا ماذا حدث
يلزم الرجوع إلى القرآن.
دقّقوا في هذه الآيات:
أولا: يلزم معرفة العرش، فما هو العرش؟
فتعالى الله الملك الحق
<<لا إله إلاّ هو ربّ العرش الكريم>>
و لا يتسع الوقت للشرح.
و تكفيكم الاشارة إلى ذلك.
دقّقوا جيداً في موارد مجيء كلمة العرش في القرآن الكريم:
<< الله لا إله إلاّ هو ربّ العرش العظيم>>
جاء في تلك الآية:<<العرش الكريم>> و في هذه الآية:<<العرش العظيم>>
<<و هو الغفور الودود>>
<<ذو العرش المجيد>>
فالمذكور هنا ذو العرش المجيد:<<العرش المجيد>>
بالنسبة إلى أمره تعالى قال:
<<ثمّ استوى على العرش يدبّر الأمر>>
فعند بيانه لتدبير الأمر قال تعالى:<<ثمّ استوى على العرش يدبّر الأمر>>
<<و ترى الملائكة حافيّن من حول العرش>>
و على لسان رسوله عند بيانه لمقام التوكل عليه قال:
<<عليه توكلت و هو رب العرش العظيم>>
و عِند ذكره للتسبيح قال تعالى:
<<فسبحان الله ربّ العرش عمّا يصفون>>
الذين يحملون العرش و من حوله يسبحون بحمد ربهم
إنه لقول رسول كريم
ذي قوة عند ذي العرش مكين.
هكذا عرش و بتلك العظمة، ولكنه عندما عرج بحبيبه إلى الملأ الأعلى
في ذلك السَّيْر الذي قال في عظمته:
<<سبحان الذي أسرى بعبده ليلاً>>
فصعد به إلى حيث قال:<<فأوحى إلي عبده ما أوحى>>
عندها قال صلى الله عليه و آله:عندما نظرتُ إلى العرش
فرأيت قد كُتب على قائمة العرش:
<<ان الحسين مصباح الهدی و سفينة النجاة>>
فالذي تصل عظمته إلى هذا المقام بحيث
إن ذلك العرش الذي وصفه بتلك الأوصاف
يكون مزيّناً باسمه
و الآن يمكن أن يُفهم لماذا قال:
<<إن يوم الحسين أقرح جفوننا>>
فما ترونه من مظاهر العزاء لا يُعدّ شيئاً
و يلزم أن يحصل تغيّرٌ في أرجاء هذا البلد يفوق السنة الماضية
فتزداد[مراسم] عاشوراء في كل سنة كماً و كيفاً
أيها الناس إعلموا أن هذه المراسم موجودة في كل يوم.
الملائكة الحفظة تصعد من الأرض إلى السماء
و عندما يريدون الصعود إلى السماء فإن برنامج عملهم هو انّهم
كلهم يذهبون إلى زيارة سيد الشهداء
إنَّ العقل ليحارُ في ذلك.
و الرواية هي أنهم عندما يحضرون الحائر الحسيني
فإن ملائكة الحرم لا يكلّمون الحفظة حتى الصّباح
نعم يصافحونهم و لكن بلا كلام.
لماذا؟ لا يجيبونهم إلى الصباح من شدّة البكاء
و عند طلوع الشمس تكلّمت ملائكة الحائر مع الحفظة الذين يأخذون طريقهم إلى السماء بعد ذلك الحوار.
و لكن عظمة المصيبة هي أنّه
بعد صعودهم إلى الملأ الأعلى
تنظر إليهم فاطمة الزهراء الصديقة الكبرى
و معها ألف نبي و ألف صدّيق و ألف شهيد، و ألف ألف من الكروبيين.
فتلتقي بالملائكة الذين هم زوّار قبر الحسين
و الرواية هي كالتالي:
انها اذا نظرت إليهم لتشهق شهقة
فلا يبقى في السّماوات ملك إلا و شغلته شهقة فاطمة الزهراء عن التقديس و التسبيح.
و ما تسكن حتى يأتيها النبي
فإذا أتاها سلّاها و صبّرها
لماذا تشهق؟ لأنها عندما تصعد الملائكة تنظر فترى ذلك المنظر
أقول هذه الكلة حتى يفهم الجميع عظمة المصيبة:
إن يوم الحسين أقرح جفوننا
يا ابن شبيب … إن الحسين ذُبح كما يذبح الكبش
إنّه ذبح و لايمكن شرح ذلك...
و لكنّ المصيبة هي أنّه عندما تريد الذّبح فاسقها ماءً، و لكنّه -عليه السلام- قُتل عطشانا
حتي يحول العطش بينه و بين السماء كالدخان