الشرط الأوّل : البلوغ ، فلا يجب على غير البالغ وإن كان مراهقا . ولو حجّ الصبي لم يجز عن حجّة الاسلام وإن كان حجّ الصبي المميز صحيحاً .
۴ ـ إذا خرج الصبي إلى الحجّ فبلغ قبل أن يحرم من الميقات وكان مستطيعاً فلا إشكال في أن حجّه حجّة الاسلام ، وإذا أحرم فبلغ بعد إحرامه لم يجز له إتمام حجّه ندباً وفي إجزائه عن حجّة الاسلام إذا كان بلوغه قبل المشعر وجه ، كما عليه المشهور ، ولكن الأحوط الرجوع إلى أحد المواقيت وتجديد الإحرام بقصد إنشائه على تقدير عدم إجزاء إحرامه السابق عن حجّة الاسلام ، فإن لم يتمكّن من الرجوع إليه ففي محل إحرامه تفصيل يأتي في المسألة (۱۶۶) .
۵ ـ إذا حجّ ندباً معتقدا بأنه غير بالغ فبان بعد أداء الحجّ أنه كان بالغاً أجزأ عن حجّة الاسلام إذا لم يكن قاصدا للامر الندبي على وجه التقييد .
۶ ـ يستحب للصبي المميّز أن يحجّ ويعتبر في صحته إذن الولي على الأحوط .
۷ ـ يستحب للولي أن يحرم بالصبي غير المميّز ذكراً كان أو أنثى ، وذلك بأن يلبسه ثوبي الإحرام ، ويأمره بالتلبية ويلقّنه إياها إن كان قابلاً للتلقين والا لبّى عنه ويجنبه عمّا يجب على المحرم الاجتناب عنه ، ويجوز أن يؤخر تجريده عن الثياب إلى فخّ إذا كان سائرا من ذلك الطريق ، ويأمره بالاتيان بكل ما يتمكّن منه من أفعال الحجّ وينوب عنه فيما لا يتمكّن ، ويطوف به ويسعى به بين الصفا والمروة ويقف به في عرفات والمشعر ، ويأمره بالرمي إن قدر عليه وإلا رمى عنه ، وكذلك صلاة الطواف ، ويحلق رأسه وكذلك بقية الأعمال ، والظاهر جواز الإحرام به مطلقا وإن ورد في بعض النصوص التحديد بالإثغار .
۸ ـ نفقة حجّ الصبي في ما يزيد على نفقة الحضر على الولي لا على الصبي ، نعم إذا كان حفظ الصبي متوقفاً على السفر به ، أو كان السفر مصلحة له جاز الإنفاق عليه من ماله .
۹ ـ ثمن هدي الصبي على الولي ، وكذلك كفّارة صيده ، وأما الكفّارات التي تجب عند الإتيان بموجبها عمداً فالظاهر أنها لا تجب بفعل الصبي لا على الولي ولا في مال الصبي ، والأحوط الاقتصار على الولي الشرعي ، والأقوي إلحاق الأمّ به .
الشرط الثاني : العقل ، فلا يجب الحجّ على المجنون وإن كان أدواريا ، نعم إذا أفاق المجنون في زمان يفى بالحجّ وكان مستطيعاً ومتمكّناً من الإتيان بأعمال الحجّ وجب عليه وإن كان مجنوناً في بقية الأوقات .
الشرط الرابع : الإستطاعة ، ويعتبر فيها أمور :
الأوّل : السعة في الوقت
الثاني : صحة البدن وتخلية السرب
الثالث : الزاد والراحلة
الرابع : الرجوع إلى الكفاية
الشرط الأوّل فی الاستطاعة: السعة في الوقت ، ومعنى ذلك وجود القدر الكافي من الوقت للذهاب إلى مكّة والقيام بالاعمال الواجبة هناك ، وعليه فلا يجب الحجّ إذا كان حصول المال في وقت لا يسع للذهاب والقيام بالاعمال الواجبة فيها ، أو أنه يسع ذلك ولكن بمشقة شديدة لا تتحمل عادةً ، وفي مثل ذلك يشكل الحكم بوجوب التحفظ على المال .
الشرط الثاني فی الاستطاعة : صحة البدن وتخلية السرب ، والمراد منها خلّوه عن الموانع كالخطر على النفس والعرض والمال ـ ذهاباً وإياباً ـ بل و عدم الخطر عند القيام بالاعمال .
۱۰-إذا كان للحجّ طريقان ، أحدهما أقرب لكنه غير مأمون ، لم يسقط الحجّ بذلك و وجب الذهاب من الابعد المأمون .
۱۱-إذا كان له في بلده مال معتد به وكان ذهابه إلى الحجّ مستلزماً لتلفه وكان تلفه حرجاً عليه لم يجب عليه الحجّ ، وكذلك إذا كان هناك ما يزاحم الحجّ شرعا ، كما إذا استلزم حجّه ترك واجب أهم أو محتمل الاهمية من الحجّ أو توقّف حجّه على ارتكاب محرم كان الاجتناب عنه أهم أو محتمل الاهمية من الحجّ .
۱۲-إذا حجّ مع استلزام حجّه ترك واجب أهم أو محتمل الاهمية أو ارتكاب محرم كذلك فلاجزاء حجّه عن حجّة الاسلام وإن كان وجه ، إلاّ أن الأحوط لو لم يكن أقوى عدم الإجزاء .
۱۳-إذا كان في الطريق عدوّ لا يمكن دفعه إلاّ ببذل مال يكون حرجاً عليه لم يجب بذله ويسقط وجوب الحجّ .
۱۴ ـ لو انحصر الطريق بالبحر لم يسقط وجوب الحجّ إلاّ مع خوف الغرق أو المرض ، ولو حجّ مع الخوف صح حجّه .
الشرط الثالث فی الاستطاعة : الزاد والراحلة ، ومعنى الزاد هو وجود ما يتقوت به في الطريق من المأكول والمشروب وسائر ما يحتاج إليه في سفره ، أو وجود مقدار من المال ـ النقود وغيرها ـ يصرفه في سبيل ذلك ذهاباً وإياباً . والمراد بالراحلة الوسيلة التي يتمكّن بها من قطع المسافة ذهاباً وإياباً ، ويلزم في الزاد والراحلة أن يكونا مما يليق بحال المكلّف .
۱۵ ـ لا يختص اشتراط وجود الزاد والراحلة بصورة الحاجة إليها ، بل يشترط ولو مع عدم الحاجة إليها كما إذا كان قادراً على المشي من دون مشقّة ولم يكن منافياً لشرفه ، وإن كان المشي لمن أطاقه من المسلمين مستحبّاً مؤكّداً .
۱۶ ـ العبرة في الزاد والراحلة بوجودهما فعلاً ، فلا يجب الحجّ على من كان قادراً على تحصيلهما بالإكتساب ونحوه ، ولا فرق في اشتراط وجود الراحلة بين القريب والبعيد .
۱۷ ـ الإستطاعة المعتبرة في وجوب الحجّ إنّما هي الإستطاعة من مكانه لا من بلده ، فإذا ذهب المكلّف إلى المدينة مثلا للتجارة أو لغيرها وكان له هناك ما يمكن أن يحجّ به من الزاد والراحلة أو ثمنهما وجب عليه الحجّ ، وإن لم يكن مستطيعاً من بلده .
۱۸ ـ إذا كان للمكلف ملك ولم يوجد من يشتريه بثمن المثل وتوقّف الحجّ على بيعه بأقل منه بمقدار مجحف بحاله لم يجب البيع ، وأما إذا ارتفعت الاسعار فكانت أجرة المركوب مثلا في سنة الإستطاعة أكثر منها في السنة الآتية لم يجز التأخير إلاّ إذا كان الغلاء بمقدار يكون الإستيجار به حرجيّاً عليه .
۱۹ ـ إنّما يعتبر وجود نفقة الإياب إلى الوطن في وجوب الحجّ فيما إذا أراد المكلّف العود إليه ، وأما إذا لم يرد العود وأراد السكنى في بلد آخر غير وطنه لعدم التمكن من العود إلى وطنه أو لكون السكنى فيها حرجيّاً عليه فلابد من وجود النفقة إلى ذلك البلد ، نعم إذا كان الذهاب إلى البلد الذي يريد السكنى فيه أكثر نفقة من وطنه ويتمكّن من السكنى في وطنه بلا حرج لم يعتبر وجود النفقة إلى ذلك المكان ، بل يكفي في الوجوب وجود نفقة العود إلى وطنه .
الشرط الرابع فی الاستطاعة: الرجوع إلى الكفاية ، وهو التمكن بالفعل أو بالقوة من إعاشة نفسه وعائلته بعد الرجوع بحسب حاله وشأنه ، فلا يجب الحجّ على من يملك مقداراً من المال يفي بمصارف الحجّ وكان ذلك وسيلة لاعاشته وإعاشة عائلته إذا لم يتمكّن من الإعاشة عن طريق آخر يناسب شأنه ، ولا يجب بيع ما يحتاج إليه في ضروريات معاشه من أمواله كدار سكناه اللائقة بحاله وأثاث بيته وآلات صنعته التي يحتاج إليها في معاشه وكل ما يحتاج إليه الانسان و كان صرفه في سبيل الحجّ موجباً للعسر والحرج .
۲۰ ـ إذا كان عنده مال لا يجب بيعه في سبيل الحجّ لحاجة إليه ثم استغنى عنه وجب عليه بيعه لاداء فريضة الحجّ ، فإذا كان للمرأة حليّ تحتاج إليه ولابدّ لها منه ثم استغنت عنه لكبرها أو لامر آخر وجب عليها بيعه إذا توقّف عليه الحجّ .
۲۱ ـ إذا كانت له دار مملوكة وكانت هناك دار أخرى يمكنه السكنى فيها من دون حرج عليه ـ كما إذا كانت هناك موقوفة تنطبق عليه ـ وجب عليه بيع الدار المملوكة على الأحوط إذا كانت وافية بمصارف الحجّ ولو بضميمة ما عنده من المال . وأما غير الدار كالكتب العلمية وغيرها مما يحتاج إليه في حياته ـ ففي مثل هذا الفرض ـ فالأقوى وجوب البيع إذا توقّف الحجّ عليه .
۲۲ ـ إذا كان عنده مقدار من المال يفي بمصارف الحجّ وكان بحاجة إلى الزواج أو شراء دار لسكناه أو غير ذلك مما يحتاج اليه ، فإن كان صرف ذلك المال في الحجّ موجباً لوقوعه في الحرج لم يجب عليه الحجّ وإلا وجب عليه .
۲۳ ـ إذا كان ما يملكه ديناً على ذمّة شخص ويفي بمصارف الحجّ ولو بضميمة ما عنده من المال وكان الدين حالا وجبت عليه المطالبة ، فإن كان المدين مماطلاً وجب إجباره على الاداء ، وإن توقّف تحصيله على الرجوع إلى المحاكم العرفية لزم ذلك ، كما تجب المطالبة فيما إذا كان الدين مؤجّلاً ولكن المدين يؤديه لو طالبه .
وأما إذا كان المدين معسراً أو مماطلاً ولا يمكن إجباره أو كان الاجبار مستلزماً للحرج ، أو كان الدين مؤجّلاً والمدين لا يسمح بأدائه قبل الأجل ففي جميع ذلك إن أمكنه بيع الدين بما يفي بمصارف الحجّ ولو بضميمة ما عنده من المال ولم يكن في ذلك ضرر مجحف بحسب حاله ولا حرج وجب البيع وإلا لم يجب .
۲۴ ـ كل ذي حرفة كالحدّاد والبنّاء والنجّار وغيرهم ممن يفي كسبهم بنفقتهم ونفقة عوائلهم يجب عليهم الحجّ إذا حصل لهم مقدار من المال بإرث أو غيره وكان وافياً بالزاد والراحلة ونفقة العيال مدة الذهاب والإياب .
۲۵ ـ من كان يرتزق من الوجوه الشرعية ـ كالخمس والزكاة وغيرهما ـ وكانت نفقاته بحسب العادة مضمونة من دون مشقّة لا يبعد وجوب الحجّ عليه فيما إذا ملك مقداراً من المال يفي بذهابه وإيابه ونفقة عائلته ، وكذلك من قام احد بالانفاق عليه طيلة حياته ، وهكذا كل من لا يتفاوت حاله قبل الحجّ وبعده من جهة المعيشة إن صرف ما عنده في سبيل الحجّ .