واجبات الإحرام ثلاثة أمور :
الامر الأوّل : النية
الامر الثاني : التلبية
الامر الثالث : لبس الثوبين
الامر الأوّل : النية ، ومعناها أن يقصد الإتيان بما يجب عليه في الحجّ أو العمرة متقربا به إلى الله تعالى ، وفيما إذا لم يعلم المكلّف به تفصيلا وجب عليه قصد الإتيان به إجمالا ، واللازم عليه حينئذ الأخذ بما يجب عليه شيئاً فشيئا من الرسائل العملية أو ممن يثق به .
ويعتبر في النية أمور :
الأوّل : الإتيان بالعمل خالصا لله تعالى .
الثاني : أن تكون مقارنة للشروع فيه .
الثالث : تعيين أن الإحرام للعمرة بخصوصيتها أو للحجّ بخصوصيته ككونه تمتعا ، أو قرانا ، أو إفرادا ، وأنه لنفسه أو لغيره ، وأنه حجّة الاسلام ، أو الواجب بالنذر أو الواجب بالافساد أو ندبيّ .
فلو نوى الإحرام من غير تعيين ـ ولو إجمالا ـ بطل إحرامه .
۱۷۴ ـ لا يعتبر في صحة النية التلفظ ولا الاخطار بالبال ، بل يكفي الداعي كما في غير الإحرام من العبادات .
۱۷۵ ـ لا يعتبر في صحة الإحرام العزم على ترك محرماته ـ حدوثاً وبقاء ـ فيصح الإحرام حتى مع العزم على إرتكابها ، إلا إذا كان عازماً من أول الإحرام على الإتيان بما يكون مبطلا للإحرام كالجماع قبل الفراغ من السعي في العمرة المفردة ، أو كان متردداً في ذلك ، وهكذا ـ على الأحوط ـ إذا عزم من أول الإحرام في الحجّ على أن يجامع زوجته قبل الوقوف بالمزدلفة أو تردد في ذلك ، وأما لو عزم على الترك من أول الأمر ولم يستمر عزمه بأن نوى بعد تحقق الإحرام بالاتيان بما يبطله لم يبطل إحرامه .
الامر الثاني : التلبية وصورتها أن يقول :
«لَبَّيْكَ أَللّهُمَّ لَبَّيْكَ ، لَبَّيْكَ لا شَرِيكَ لَكَ لَبَّيْكَ» .
وتستحب إضافة هذه الجملة : «إِنَّ الْحَمْدَ وَالنِّعْمَةَ لَكَ وَالْمُلْكَ ، لا شَرِيكَ لَكَ لَبَّيْكَ ، لَبَّيْكَ ذا المَعارِجِ لَبَّيْكَ» ، بل وما زاد على ذلك ـ كما في النصّ ـ وسيأتي نقل الزيادة في عاشر مستحبات الإحرام .
۱۷۶ ـ على المكلّف أن يتعلّم ألفاظ التلبية ويحسن أداءها بصورة صحيحة ولو كان ذلك من جهة تلقينه هذه الكلمات من قبل شخص آخر ، فإذا لم يتعلّم تلك الالفاظ ولم يتيسّر له التلقين يجب عليه التلفظ بما يصدق عليه التلبية ولو كان ملحونا ، والأحوط إستحبابا في هذه الصورة الجمع بين الإتيان بما ذكر والترجمة والإستنابة لها .
۱۷۷ ـ الأحوط في الاخرس أن يجمع بين الاشارة إلى التلبية بإصبعه مع تحريك لسانه والإستنابة لها .
۱۷۸ ـ الصبي غير المميّز يلبّى عنه .
۱۷۹ ـ لا ينعقد إحرام حجّ التمتع وإحرام عمرته وإحرام حجّ الإفراد وإحرام العمرة المفردة إلاّ بالتلبية ، وأما حجّ القران فكما ينعقد إحرامه بالتلبية ، ينعقد بالإشعار أو التقليد ، والإشعار مختص بالبدن والتقليد مشترك بين البدن وغيرها من أنواع الهدي ، والأحوط وجوباً الجمع بين الإشعار والتقليد في البدن . والأحوط الأولى التلبية وإن كان عقد إحرامه بالإشعار أو التقليد .
ثم إن الإشعار هو شق الجانب الأيمن من سنام البدنة ، والأحوط إستحبابا أن يقوم المحرم من الجانب الإيسر من الهدي ويشق الجانب الأيمن من سنامه ويلطخ صفحته بدمه ، وإذا كانت بدن كثيرة فأراد أن يشعرها دخل بين كل بدنتين فيشعر هذه من الشق الأيمن ويشعر هذه من الشق الإيسر ، والتقليد هو ان يعلق في رقبة الهدي نعلا خلقا قد صلّى فيها .
۱۸۰ ـ لا يشترط الطهارة عن الحدث الاصغر والاكبر في صحة الإحرام ، فيصح الإحرام من المحدث بالاصغر والاكبر كالجنب والحائض والنفساء وغيرهم .
۱۸۱ ـ لا يتحقق الإحرام إلاّ بالتلبية أو بالإشعار أو التقليد لخصوص القارن ، فلو نوى الإحرام ولبس الثوبين وفعل شيئاً من المحرمات قبل تحقق الإحرام لم يأثم وليس عليه كفّارة .
۱۸۲ ـ الافضل لمن عقد إحرام عمرة التمتع من مسجد الشجرة أن يؤخر التلبية إلى أول البيداء ، ولمن عقده من سائر المواقيت تأخيرها إلى أن يمشي قليلا ، ولمن عقد إحرام الحجّ من مكّة تأخيرها إلى الرقطاء ، والأحوط التعجيل بها مطلقا ، ويؤخر الرجل الجهر بها إلى المواضع المذكورة .
والبيداء أرض مخصوصة بين مكّة ومدينة ، على ميل من ذي الحليفة نحو مكّة ـ كما يظهر من كلمات الفقهاء ـ والرقطاء موضع دون الردم .
۱۸۳ ـ يجب على الأقوى لمن اعتمر عمرة التمتع قطع التلبية عند مشاهدة موضع بيوت مكّة القديمة ، وحده ـ على ما قال الشهيد رحمه الله ـ لمن دخل مكّة من أعلاها عن طريق المدينة (عقبة المدنيين) ، ولمن جاء من أسفلها (عقبة ذي طوى) . والأحوط لمن اعتمر عمرة مفردة قطعها عند دخول الحرم إذا جاء من خارج الحرم ، وأما إذا كان قد خرج من مكّة لاحرامها فالأقوى وجوب قطعها عند مشاهدة المسجد أو الكعبة ، كما أن الأقوى لمن حجّ بأيّ نوع من أنواع الحجّ وجوب قطعها عند الزوال من يوم عرفة .
۱۸۴ ـ إذا شك بعد لبس الثوبين وقبل التجاوز من الميقات في أنه قد أتى بالتلبية أم لا ، بنى على عدم الإتيان ، وإذا شك بعد الإتيان بالتلبية أنه أتى بها صحيحة أم لا ، بنى على الصحة .
الامر الثالث : لبس الثوبين بعد التجرد عمّا يجب على المحرم اجتنابه ، يتزر بأحدهما ويرتدي بالاخر ، ويستثنى من ذلك الصبيان فيجوز تأخير تجريدهم إلى فخّ إذا حجّ بهم من ذلك الطريق .
۱۸۵ ـ لبس الثوبين للمحرم واجب تعبّدي مستقل ، وليس شرطا دخيلا في تحقق الإحرام ، والأحوط أن يكون لبسهما على الطريق المألوف .
۱۸۶ ـ الأحوط في الازار أن يكون ساترا من السرّة إلى الركبة ، ويعتبر في الرداء أن يكون ساتراً للمنكبين وشيئاً من الظهر . والأحوط كون اللبس قبل النية والتلبية .
۱۸۷ ـ لو أحرم في قميص ـ جاهلاً أو ناسيا ـ نزعه وصح احرامه ، بل الأظهر صحة احرامه حتى فيما إذا أحرم فيه عالماً عامداً ، وأما إذا لبسه بعد الإحرام فلا إشكال في صحة إحرامه ، ولكن يلزم عليه شقّه وإخراجه من رجليه .
۱۸۸ ـ لا بأس بالزيادة على الثوبين في ابتداء الإحرام وبعده للتحفظ من البرد أو الحر أو لغير ذلك .
۱۸۹ ـ يعتبر في الثوبين ما يعتبر في لباس المصلّي ـ وجودا وعدما ـ فيلزم أن لا يكونا من الحرير الخالص ، ولا من أجزاء مالا يؤكل لحمه ، ولا من الذهب ، ويلزم طهارتهما .
نعم لا بأس بتنجسهما بنجاسة معفو عنها في الصلاة .
۱۹۰ ـ يلزم في الازار أن يكون ساتراً للبشرة غير حاك عنها بمقدار العورة ، وعلى الأحوط في الزائد عليه من السرّة إلى الركبة ، والأحوط استحباباً اعتبار ذلك في الرداء .
۱۹۱ ـ الأحوط في الثوبين أن يكونا من المنسوج ، ولا يكونا من قبيل الجلد والملبد .
۱۹۲ ـ يختص وجوب لبس الازار والرداء بالرجال دون النساء ، فيجوز لهن أن يحرمن في ألبستهن ، على أن تكون واجدة للشرائط المتقدمة .
۱۹۳ ـ لا يجوز للمرأة أن يكون الثوب الذي تحرم فيه من الحرير ، والأحوط أن لا تلبس شيئاً من الحرير الخالص في جميع أحوال الإحرام إلاّ في الحر والبرد .
۱۹۴ ـ إذا تنجس أحد الثوبين أو كلاهما بعد التلبس بالاحرام فالاقوى لزوم المبادرة إلى التبديل أو التطهير .
۱۹۵ ـ لا تجب الاستدامة في لباس الإحرام ، فلا بأس بإلقائه عن متنه لضرورة أو غير ضرورة ، كما لا بأس بتبديله إذا كان البدل واجداً للشرايط .