ويفسد العمرة والحجّ بتركه عمداً سواء أكان عالماً أم كان جاهلاً بالحكم أو الموضوع ، ويتحقق الترك بالتأخير إلى زمان لا يتمكّن من إتمام العمرة وإدراك الركن من الوقوف بعرفات . وإذا بطلت العمرة بطل إحرامه أيضاً ، وتجب إعادة الحجّ في العام القابل ، والأحوط الأولى إتمامها بإتيان الأعمال العمرة المفردة .
وتشترط في الطواف بعد قصده المحقق لعنوانه أمورٌ :
الأوّل : النية بأن يأتي بالطواف متقربا به إلى الله تعالى .
الثاني : الطهارة من الحدث الاكبر والاصغر ، فلو طاف المحدث عمداً أو جهلا أو نسيانا لم يصحّ طوافه .
۲۸۲ ـ إذا أحدث المحرم أثناء طوافه فللمسألة صور :
الاُولى : أن يكون ذلك قبل بلوغه النصف ، ففي هذه الصورة يبطل طوافه وتلزمه إعادته بعد الطهارة .
الثانية : أن يكون الحدث بعد إتمامه الشوط الرابع ومن دون اختياره ، ففي هذه الصورة يقطع طوافه ويتطهر ويتمّه من حيث قطعه .
الثالثة : أن يكون الحدث بعد النصف وقبل تمام الشوط الرابع مع صدور الحدث عنه من دون اختياره ، والأحوط فيها أن يتم طوافه بعد الطهارة من حيث قطع ثم يعيده ، ويجزئ عن الاحتياط المذكور أن يأتي بعد الطهارة بطواف كامل يقصد به الاعم من الإتمام والتمام ، ومعنى ذلك أن يقصد الإتيان بما في ذمته ، سواء أكان هو الجزء المتمم للطواف الأوّل ويكون الزائد لغوا أم كان هو الطواف الكامل .
الرابعة : أن يكون الحدث بعد النصف وقبل تمام الشوط الرابع مع صدوره عنه بالاختيار ، والأقوى فيها البطلان .
۲۸۳ ـ إذا شك في الطهارة قبل الشروع في الطواف أو في أثنائه ، فإن علم أن الحالة السابقة كانت هي الطهارة وكان الشك في صدور الحدث بعدها لم يعتن بالشك وإلا وجبت عليه الطهارة والطواف أو إستينافه بعدها .
۲۸۴ ـ إذا شك في الطهارة بعد الفراغ من الطواف لم يعتن بالشك وإن كانت الاعادة أحوط ، ولكن تجب الطهارة لصلاة الطواف ، إلاّ إذا كان محدثا بالحدث الاكبر سابقاً وأحدث بالحدث الاصغر بعد الطواف فلابد له من الجمع بين الوضوء والغسل والإتيان بالطواف وصلاته .
۲۸۵ ـ إذا لم يتمكّن المكلّف من الوضوء وكان آئسا من حصول التمكن في ما بعد تيمم وأتى بالطواف ، وإذا لم يتمكّن من التيمم أيضاً ولو في ما بعد لزمته الإستنابة للطواف ، والأحوط الأولى أن يأتي هو أيضاً بالطواف من غير طهارة .
۲۸۶ ـ يجب على المجنب والحائض والنفساء بعد إنقضاء أيامهما الاغتسال للطواف ، ومع تعذر الاغتسال واليأس من التمكن منه يجب الطواف مع التيمّم ، والأحوط الأولى حينئذ الإستنابة أيضاً ، ومع تعذر التيمم ولو في ما بعد تتعين عليه الإستنابة ، ولا يجوز له الدخول في المسجد والاحتياط بالطواف بنفسه .
۲۸۷ ـ إذا كانت المرأة حائضا في عمرة التمتع حال الإحرام أو حاضت بعده وقد وسع الوقت لاداء أعمالها صبرت إلى أن تطهر فتغتسل وتأتي بأعمالها ، وإن لم يسع الوقت فللمسألة صورتان :
الأولى : أن يكون حيضها عند إحرامها أو قبل أن تحرم ففي هذه الصورة ينقلب حجها إلى الإفراد وبعد الفراغ من الحجّ تجب عليها عمرة مفردة إذا تمكنت منها .
الثانية : أن يكون حيضها بعد الإحرام ، ففي هذه الصورة ـ وإن قيل : تتخير بين الإتيان بحج الإفراد كما في الصورة الأولى وبين أن تأتي بأعمال عمرة التمتع من دون طواف فتسعى وتقصّر ثم تحرم للحجّ وبعد ما ترجع إلى مكّة بعد الفراغ من أعمال منى تقضي طواف العمرة قبل طواف الحجّ ـ ولكن الأحوط وجوباً إنقلاب حجها إلى الإفراد .
وإذا تيقّنت ببقاء حيضها وعدم تمكّنها من الطواف حتى بعد رجوعها من منى استنابت لطوافها وصلاته ، ثم أتت بالسعي بنفسها .
۲۸۸ ـ إذا حاضت المحرمة أثناء طوافها ، فإذا كان طروء الحيض قبل تمام أربعة أشواط بطل طوافها وكان حكمها ما تقدّم في المسألة السابقة في المرأة التي حاضت بعد إحرامها .
وإذا كان بعده وكان الوقت واسعا فالاقوى عدم صحة ما أتت به وعليها الاستيناف بعد الطهر والاغتسال ، والأحوط أن تأتي بالطواف ناوية به الاعم من الإتمام والتمام ، وإن لم يسع الوقت فالأحوط أن تسعى وتقصّر وتحرم للحجّ بقصد ما في ذمتها من الإفراد أو التمتع فتأتي بما يجب على المتمتع ، وبعد الرجوع من منى تقضي ما بقي من طوافها قبل طواف الحجّ ، وبعد إتمام حجها تأتي بعمرة مفردة .
۲۸۹ ـ إذا حاضت المرأة بعد الفراغ من الطواف وقبل الإتيان بصلاة الطواف صح طوافها وأتت بالصلاة بعد طهرها واغتسالها ، وإن ضاق الوقت سعت وقصّرت وقضت الصلاة قبل طواف الحجّ .
۲۹۰ ـ إذا طافت المرأة وصلت ثم شعرت بالحيض ولم تدر أنه كان قبل الطواف أو قبل الصلاة أو في أثنائها أو أنه حدث بعد الصلاة بنت على صحة الطواف والصلاة .
وإذا علمت أن حدوثه كان قبل إتمام الصلاة أتت بالصلاة بعد طهرها واغتسالها ، وإن ضاق الوقت سعت وقصّرت وأخرت الصلاة إلى أن تطهر وتأتي بها قبل طواف الحجّ وقد تمت عمرتها .
۲۹۱ ـ إذا دخلت المرأة مكّة وكانت متمكنة من أعمال العمرة ولكنها أخرتها إلى أن حاضت حتى ضاق الوقت مع العلم والعمد فالظاهر فساد عمرتها ، والأحوط أن تعدل إلى حجّ الإفراد ولابدّ لها من إعادة الحجّ في السنة القادمة .
۲۹۲ ـ الطواف المندوب لا تعتبر فيه الطهارة ، فيصح بغير طهارة ولكن صلاته لا تصحّ إلاّ عن طهارة .
۲۹۳ ـ المعذور يكتفي بطهارته العذرية كالمجبور والمسلوس ، أما المبطون فالأحوط أن يجمع ـ مع التمكن ـ بين الطواف وصلاته بنفسه وبين الإستنابة لهما وإن كان لا يبعد كفاية الإستنابة .
وأمّا المستحاضة : فإن كانت قليلة يجب عليها الوضوء ، والأحوط وجوباً أن تتوضأ لكل من الطواف وصلاته ، وإن كانت متوسطة يجب عليها الغسل والوضوء ، والأحوط وجوباً الوضوء لكل منهما ، وإن كانت كثيرة فعليها الغسل ، والأحوط وجوباً أن تغتسل لكل منهما من دون حاجة إلى الوضوء وإن كانت محدثة بالحدث الاصغر .
هذا كله فيما إذا لم تكن عاملة بوظيفتها لصلاتها اليومية أو كانت ولكن رأت الدم بعدها ، وإلا فما ذكر من وجوب الوضوء والغسل مبني على الاحتياط .
۲۹۴ ـ لا بأس بدم القروح والجروح فيما يكون الاجتناب عنه حرجيّاً ، كما لا بأس بالمحمول المتنجس . والأحوط الاجتناب عن نجاسة ما لا تتم الصلاة فيه .
۲۹۵ ـ إذا لم يعلم بنجاسة بدنه أو ثيابه ثم علم بها بعد الفراغ من الطواف صح طوافه ، وكذلك تصحّ صلاة الطواف إذا لم يعلم بالنجاسة إلى أن فرغ منها .
۲۹۶ ـ إذا نسي نجاسة بدنه أو ثيابه ثم تذكرها بعد طوافه صح طوافه ، وإن كانت إعادته أولى ، وإن تذكرها بعد صلاة الطواف فإن كان نسيانه عن عدم الاهتمام يعد صلاته عقوبة لنسيانه ، وإلا فعليه الاعادة على الأحوط .
۲۹۷ ـ إذا لم يعلم بنجاسة بدنه أو ثيابه وعلم بها أثناء الطواف أو طرأت النجاسة عليه قبل فراغه من الطواف ، فإن تمكّن من إزالة النجاسة بما لا ينافي ما يعتبر في الطواف أزالها على الأحوط وأتم طوافه ، وإلا فالاقوى صحة طوافه ، وإن كان الأحوط أن يقطع طوافه ويأتي بما بقي منه بعد إزالة النجاسة إن كان العلم بها أو طروها عليه بعد إتمام الشوط الرابع ، وإن كان قبل إكماله قطع طوافه وأزال النجاسة ويأتي بطواف كامل بقصد الاعم من الإتمام والتمام .
۲۹۸ ـ إذا طاف المحرم غير مختون ـ بالغاً كان أو صبياً مميزاً ـ فلا يجتزئ بطوافه .
فإن لم يعده مختونا فهو كتارك الطواف يجري فيه ماله من الأحكام الآتية .
الثالث : الطهارة من الخبث على الأحوط ، والنجاسة المعفو عنها في الصلاة كالدم الأقلّ من الدرهم لا تكون معفوا عنها في الطواف .
الرابع : الختان للرجال ، والأقوى اعتباره في الصبي المميّز أيضاً ، وأما الصبي غير المميز فاعتبار الختان في طوافه على الأحوط .
۲۹۹ ـ إذا استطاع المكلّف وهو غير مختون ، فإن أمكنه الختان والحجّ في سنة الإستطاعة وجب ذلك ، وإلا أخر الحجّ إلى السنة القادمة ، فإن لم يمكنه الختان أصلا أو كان حرجيّاً أو ضرريا فلا يسقط عنه الحجّ ، لكن الأحوط أن يطوف بنفسه في عمرته وحجه ويستنيب أيضاً من يطوف عنه ، ويصلي هو صلاة الطواف بعد طواف النائب .
الخامس : ستر العورة حال الطواف على الأقوى ، ويعتبر في الساتر الإباحة ، والأحوط اعتبارها في مطلق لباسه ، كما أن الأحوط رعاية سائر ما اعتبر في لباس المصلي من الشرائط والموانع في ساتره ومطلق لباسه .
تعتبر في الطواف أمور :
الأوّل : الابتداء من الحجر الأسود ، ويكفي فيه الصدق العرفي ، ولابدّ من إحرازه ، ولا يلزم أن يكون أول جزء من الحجر محاذيا لاول جزء من مقاديم بدنه ، و إن كان الأحوط ذلك ، ويتحقق هذا الاحتياط بأن يقف دون الحجر بقليل فينوي الطواف من الموضع الذي تتحقق فيه المحاذاة واقعا على أن تكون الزيادة من باب حصول العلم بتحقق المأمور به .
الثاني : الانتهاء في كل شوط بالحجر الاسود ويتحقق بالاختتام بأي جزء ابتدء الطواف منه ، وإن كان الأحوط في الشوط الاخير أن يتجاوز عن الحجر بقليل على أن تكون الزيادة من باب حصول العلم بتحقق المأمور به .
الثالث : جعل البيت على اليسار في جميع أحوال الطواف ، فلو جعله على يمينه أو استقبله بوجهه أو استدبره عمداً أو سهوا ولو من جهة مزاحمة غيره لا يعد ذلك المقدار من الطواف ، ولابدّ من تداركه ، والعبرة في جعل البيت على اليسار بالصدق العرفي ، ولا تجب المداقة في ذلك ولو عند فتحتي حجر إسماعيل (عليه السلام)وعند الأركان .
الرابع : إدخال حجر إسماعيل (عليه السلام) في المطاف ، بمعنى أن يطوف حول الحجر ولا يدخل فيه .
الخامس : كون الطواف حول البيت ، بمعنى أن يكون أساس البيت المسمى بشاذروان خارجاً من مطافه .
السادس : أن يطوف بالبيت باختياره سبع مرات ، بلا زيادة ولا نقيصة ، فلا يجزئ الأقلّ من السبع ويبطل بالزيادة على السبع عن علم وعمد ، ولا بأس بالزيادة على أن يكون من أجل حصول العلم بتحقق المأمور به ، كما أنه إذا طاف بلا اختيار منه ، لا يصحّ ولابدّ من تداركه .
السابع : الموالاة عرفا بين الاشواط وأجزائها إلاّ فيما يأتي .
۳۰۰ ـ الأحوط أن يكون الطواف بين البيت ومقام إبراهيم (عليه السلام) ، مراعياً ذلك المقدار من البعد في جميع جوانب البيت ، وحد ذلك المقدار ستة وعشرون ذراعا ونصف ذراع تقريبا ، وبما أن حجر إسماعيل (عليه السلام) داخل في المطاف فيضيق المطاف من جانب الحجر و يكون ستة أذرع ونصف ذراع تقريبا ، ولكن الأقوى كفاية الطواف في الزائد على هذا المقدار على كراهة للمتمكن الذي لا حرج عليه ، وأما من لا يقدر على الطواف في ذلك الحد أو أنه حرج عليه فيجوز له الطواف خلف المقام من دون كراهة .
۳۰۱ ـ إذا خرج الطائف عن المطاف فدخل الكعبة بطل طوافه ولزمته الاعادة ، والأولى إتمام الطواف ثم إعادته إذا كان الخروج بعد تجاوز النصف .
۳۰۲ ـ إذا تجاوز عن المطاف إلى الشاذروان لا يحسب ذلك المقدار من الطواف ويلزمه التدارك ، والأقوى عدم بطلان طوافه وإن كان الأحوط الأولى إتمام الطواف بعد تدارك ذلك المقدار ثم إعادته ، والأحوط استحباباً أن لا يمد يده حال طوافه إلى جدار الكعبة لاستلام الأركان أو غيره .
۳۰۳ ـ إذا دخل الطائف حجر إسماعيل (عليه السلام) بطل الشوط الذي وقع ذلك فيه فلا بد من إعادته ، والظاهر عدم بطلان طوافه وإن كان الأحوط إعادة الطواف بعد إتمامه ، والأحوط وجوباً عدم الطواف على حائط الحجر ، والأحوط استحباباً أن لا يضع يده على حائط الحجر أيضاً .
۳۰۴ ـ إذا خرج الطائف من المطاف في طواف الفريضة قبل تجاوزه الشوط الرابع من دون عذر ، فإن فاتته الموالاة العرفية بطل طوافه ، وإن لم تفته أو كان خروجه بعد تجاوز الشوط الرابع فالأحوط إتمام الطواف ثم إعادته ، ويكفي في الاحتياط الإتيان بطواف تام بقصد الاعم من الإتمام والتمام .
۳۰۵ ـ إذا أحدث أثناء طوافه فقد تقدّم حكمه في المسألة (۲۸۲) ، وإذا التفت إلى نجاسة بدنه أو ثيابه أثناء طوافه فقد مر حكمه في المسألة (۲۹۷) ، وإذا حاضت المرأة أثناء طوافها وجب عليها قطعه والخروج من المسجد الحرام فورا ، وقد مر حكم طوافها في المسألة (۲۸۸) .
۳۰۶ ـ إذا التجأ الطائف إلى قطع طوافه الفريضة وخروجه عن المطاف لمرض ـ كصداع أو وجع في البطن ـ فإن كان ذلك قبل إتمامه الشوط الرابع لزمته الإعادة ، وإن كان بعده فالأحوط أن يستنيب للمقدار الباقي ويأتي بطواف كامل بقصد الاعم من الإتمام والتمام إلاّ أن يكون الخروج لقضاء حاجة أخيه المؤمن ، فإنه يبني على طوافه ، وأما إن كان طواف نافلة فيبني عليه ولو كان شوطا أو شوطين .