من أعظم الواجبات الدينية الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، قال الله ت...
فقال : كيف بكم إذا أمرتم بالمنكر، ونهيتم عن المعروف فقيل له: يا رسول الله ويكون ذلك؟ فقال: نعم وشر من ذلك ، كيف بكم إذا رأيتم المعروف منكرا والمنكر معروفا ؟
وقد ورد عنهم ـ عليهم السلام ـ أن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر سبيل الانبياء ، ومنهاج الصلحاء ، فريضة عظيمة بها تقام الفرائض وتأمن المذاهب ، وتحل المكاسب ، وتمنع المظالم ، وتعمر الأرض وينتصف للمظلوم من الظالم ، ولا يزال الناس بخير ما أمروا بالمعروف ، ونهوا عن المنكر ، وتعاونوا على البر ، فإذا لم يفعلوا ذلك نزعت منهم البركات وسلط بعضهم على بعض ، ولم يكن لهم ناصر في الأرض ولا في السماء .
مسألة ۶۴۷ ـ ( ۱۲۷۰ ) : يجب الأمر بالمعروف الواجب ، والنهي عن المنكر و...
يشترط في وجوب الأمر بالمعروف الواجب ، والنهي عن المنكر أمور :
الأول ...
الأول : معرفة المعروف والمنكر ولو إجمالاً ، فلا يجبان على الجاهل بالمعروف والمنكر .
الثاني : احتمال ائتمار المأمور بالمعروف بالأمر ، وانتهاء المنهي عن المنكر بالنهي ، فإذا لم يحتمل ذلك ، وعلم أن الشخص الفاعل لا يبالي بالأمر أو النهي ، ولا يكترث بهما لا يجب عليه شىء .
الثالث : أن يكون الفاعل مصرا على ترك المعروف ، وارتكاب المنكر ، فإذا كانت أمارة على الإقلاع وترك الإصرار لم يجب شىء ، بل لا يبعد عدم الوجوب بمجرد احتمال ذلك ، فمن ترك واجبا ، أو فعل حراما ولم يعلم أنه مصرّ على ترك الواجب أو فعل الحرام ثانيا ، أو أنه منصرف عن ذلك أو نادم عليه لم يجب عليه شىء ، هذا بالنسبة إلى من ترك المعروف ، أو ارتكب المنكر خارجاً .
وأما من يريد ترك المعروف ، أو ارتكاب المنكر فيجب أمره بالمعروف ونهيه عن المنكر ، وإن لم يكن قاصدا إلا المخالفة مرة واحدة .
الرابع : أن يكون المعروف والمنكر منجزا في حق الفاعل ، فإن كان معذورا في فعله المنكر ، أو تركه المعروف ، لاعتقاد أن ما فعله مباح وليس بحرام ، أو أن ما تركه ليس بواجب ، وكان معذورا في ذلك للاشتباه في الموضوع ، أو الحكم اجتهادا ، أو تقليدا لم يجب شىء بعنوان الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
الخامس : أن لا يلزم من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ضرر في النفس ، أو في العرض ، أو في المال على الأمر ، أو على غيره من المسلمين ، فإذا لزم الضرر عليه ، أو على غيره من المسلمين لم يجب شىء .
والظاهر أنه لا فرق بين العلم بلزوم الضرر والظن به والاحتمال المعتد به عند العقلاء الموجب لصدق الخوف ، هذا فيما إذا لم يحرز تأثير الأمر أو النهي ، وأما إذا أحرز ذلك فلا بد من رعاية الأهمية ، فقد يجب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر مع العلم بترتب الضرر أيضاً ، فضلاً عن الظن به أو احتماله .
للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر مراتب :
الأولى : الإنكار بالقلب ، بم...
الأولى : الإنكار بالقلب ، بمعنى إظهار كراهة المنكر ، أو ترك المعروف ، إما بإظهار الانزعاج من الفاعل ، أو الإعراض والصدّ عنه ، أو ترك الكلام معه ، أو نحو ذلك من فعل أو ترك يدل على كراهة ما وقع منه .
الثانية : الانكار باللسان والقول ، بأن يعظه ، وينصحه ، ويذكر له ما أعدّ الله سبحانه للعاصين من العقاب الأليم والعذاب في الجحيم ، أو يذكر له ما أعدّه الله تعالى للمطيعين من الثواب الجسيم والفوز في جنات النعيم .
الثالثة : الانكار باليد بالضرب المؤلم الرادع عن المعصية ، ولكل واحدة من هذه المراتب مراتب أخف وأشدّ ، والمشهور الترتب بين هذه المراتب ، فإن كان إظهار الانكار القلبي كافيا في الزجر اقتصر عليه ، وإلا أنكر باللسان ، فإن لم يكف ذلك أنكره بيده ، ولكن الظاهر أن القسمين الأولين في مرتبة واحدة فيختار الأمر أو الناهي ما يحتمل التأثير منهما ، وقد يلزمه الجمع بينهما .
وأما القسم الثالث فهو مترتب على عدم تأثير الأولين ، والأقوى في هذا القسم الترتيب بين مراتبه فلا ينتقل إلى الأشدّ إلا إذا لم يكف الأخف .
مسألة ۶۴۸ ـ ( ۱۲۷۴ ) : يتأكد وجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في ...