الفصل الثامن .في الدفن
تجب كفاية مواراة الميت في الأرض ، بحيث يؤمن على جسده من السباع ، وإيذاء رائحته للناس ، ولا يكفي وضعه في بناء أو تابوت و إن حصل فيه الأمران ، ويجب وضعه على الجانب الأيمن موجهاً وجهه إلى القبلة ، و إذا اشتبهت القبلة عمل بالظن على الأحوط ،({^( لابدّ من رفع الاشتباه ولو بالتأخير ومع عدم الإمكان أو عدم إمكان التأخير لابدّ من العمل بالظن على الأقوى )^}) ومع تعذره يسقط وجوب الاستقبال إن لم يمكن التأخير ، و إذا كانت الميت في البحر ، ولم يمكن دفنه في البر ، ولو بالتأخير غسل وحنط وصلي عليه ووضع في خابية وأحكم رأسها وألقي في البحر ،({^( والأحوط وجوباً مراعاة استقبال القبلة مهما أمكن )^}) أو ثقل بشدّ حجر أو نحوه برجليه ثم يلقي في البحر ، والأحوط وجوبا({^(بل الأقوى )^}) اختيار الأول مع الإمكان ، وكذلك الحكم إذا خيف على الميت من نبش العدو قبره وتمثيله .
مسألة ۳۱۷ : لا يجوز دفن المسلم في مقبرة الكافرين ، وكذا العكس .
مسألة ۳۱۸ : إذا ماتت الحامل الكافرة ، ومات في بطنها حملها من مسلم ، دفنت في مقبرة المسلمين على جانبها الأيسر ، مستدبرة للقبلة وكذلك الحكم({^( على الأحوط )^}) إن كان الجنين لم تلجه الروح .
مسألة ۳۱۹ : لا يجوز دفن المسلم في مكان يوجب هتك حرمته كالمزبلة ، والبالوعة ، ولا في المكان المملوك بغير إذن المالك ، أو الموقوف لغير الدفن كالمدارس ، والمساجد ، والحسينيات المتعارفة في زماننا والخانات الموقوفة و إن أذن الولي بذلك .
مسألة ۳۲۰ : لا يجوز الدفن في قبر ميت قبل اندراسه وصيرورته تراباً ، نعم إذا كان القبر منبوشاً ، جاز الدفن فيه على الأقوى .
مسألة ۳۲۱ : يستحب حفر القبر قدر قامة ، أو إلى الترقوة وأن يجعل له لحد مما يلي القبلة في الأرض الصلبة بقدر ما يمكن فيه الجلوس ، وفي الرخوة يشقّ وسط القبر شبه النهر ويجعل فيه الميت ، ويسقف عليه ثم يهال عليه التراب ، وأن يغطى القبر بثوب عند إدخال المرأة ، والذكر عند تناول الميت ، وعند وضعه في اللحد ، والتحفّي ، وحلّ الأزرار وكشف الرأس للمباشر لذلك ، وأن تحلّ عقد الكفن بعد الوضع في القبر من طرف الرأس ، وأن يحسر عن وجهه ويجعل خدّه على الأرض ويعمل له وسادة من تراب ، وأن يوضع شىء من تربة الحسين (عليه السلام) معه وتلقينه الشهادتين والإقرار بالأئمة (عليهم السلام) ، وأن يسدّ اللحد باللبن وأن يخرج المباشر من طرف الرجلين ، وأن يهيل الحاضرون التراب بظهور الأكف غير ذي الرحم ، وطمّ القبر وتربيعه لا مثلثاً ، ولا مخمساً ، ولا غير ذلك ، ورشّ الماء عليه دوراً يستقبل القبلة ، ويبتدأ من عند الرأس فإن فضل شىء صبّ على وسطه ، ووضع الحاضرين أيديهم عليه غمزاً بعد الرشّ ، ولا سيما إذا كان الميت هاشمياً ، أو الحاضر لم يحضر الصلاة عليه ، والترحم عليه بمثل : اللهم جافّ الأرض عن جنبيه ، وصعد روحه إلى أرواح المؤمنين في عليين ، وألحقه بالصالحين ، وأن يلقنه الولي بعد انصراف الناس رافعاً صوته ، وأن يكتب اسم الميت على القبر ، أو على لوح ، أو حجر وينصب على القبر .
مسألة ۳۲۲ : يكره دفن ميتين في قبر واحد ، ونزول الأب في قبر ولده ، وغير المحرم في قبر المرأة ، وإهالة الرحم التراب ، وفرش القبر بالساج من غير حاجة ، وتجصيصه وتطيينه وتسنيمه والمشي عليه والجلوس والاتكاء وكذا البناء عليه وتجديده إلا أن يكون الميت من أهل الشرف .
مسألة ۳۲۳ : يكره نقل الميت من بلد موته إلى بلد آخر ، إلا المشاهد المشرفة والمواضع المحترمة ، فإنه يستحب ،({^(إطلاق استحباب النقل بل جوازه لما استلزم هتك الميت عرفاً محل إشكال )^}) ولا سيما الغري والحائر ، وفي بعض الروايات أن من خواص الأول ، إسقاط عذاب القبر ومحاسبة منكر ونكير .
مسألة ۳۲۴ : لا فرق في جواز النقل بين ما قبل الدفن وما بعده إذا اتفق تحقق النبش، بل لا يبعد جواز النبش لذلك إذا كان بإذن الولي ولم يلزم هتك حرمة الميت .
مسألة ۳۲۵ : يحرم نبش قبر المؤمن على نحو يظهر جسده ، إلا مع العلم باندراسه ، وصيرورته تراباً ، من دون فرق بين الصغير والكبير والعاقل والمجنون ، ويستثنى من ذلك موارد :
منها : ما إذا كان النبش لمصلحة الميت ، كالنقل إلى المشاهد ، كما تقدم أو لكونه مدفوناً في موضع يوجب مهانة عليه كمزبلة ، أو بالوعة أو نحوهما ، أو في موضع يتخوف فيه على بدنه من سيل ، أو سبع ، أو عدو .
ومنها : ما لو عارضه أمر راجح أهمّ ، كما إذا توقف دفع مفسدة على رؤية جسده.
ومنها : ما لو لزم من ترك نبشه ضرر مالي ، كما إذا دفن معه مال غيره ، من خاتم ونحوه ، فينبش لدفع ذلك الضرر المالي ، ومثل ذلك ما إذا دفن في ملك الغير من دون إذنه أو إجازته .
ومنها : ما إذا دفن بلا غسل ، أو بلا تكفين أو تبين بطلان غسله ، أو بطلان تكفينه ، أو لكون دفنه على غير الوجه الشرعي ، لوضعه في القبر على غير القبلة ، أو في مكان أوصى بالدفن في غيره ، أو نحو ذلك فيجوز نبشه في هذه الموارد إذا لم يلزم هتك لحرمته ، و إلا ففيه إشكال .
مسألة ۳۲۶ : لا يجوز التوديع المتعارف عند بعض الشيعة ( أيدهم الله تعالى ) بوضع الميت في موضع والبناء عليه ، ثم نقله إلى المشاهد الشريفة ، بل اللازم أن يدفن بمواراته في الأرض مستقبلا بوجهه القبلة على الوجه الشرعي ، ثم ينقل بعد ذلك بإذن الولي على نحو لا يؤدى إلى هتك حرمته .
مسألة ۳۲۷ : إذا وضع الميت في سرداب ، جاز فتح بابه وإنزال ميت آخر فيه ، إذا لم يظهر جسد الأول ، إما للبناء عليه ، أو لوضعه في لحد داخل السرداب ، وأما إذا كان بنحو يظهر جسده ففي جوازه إشكال .
مسألة ۳۲۸ : إذا مات ولد الحامل دونها ، فإن أمكن إخراجه صحيحاً وجب ، و إلا جاز تقطيعه ، ويتحرى الأرفق فالأرفق ، و إن ماتت هي دونه ، شقّ بطنها من الجانب الأيسر إن احتمل دخله في حياته ، و إلا فمن أي جانب كان وأخرج ، ثم يخاط بطنها ، وتدفن .
مسألة ۳۲۹ : إذا وجد بعض الميت ، وفيه الصدر ، غسل وحنط({^( إذا كان معه اليدان أو صدق عليه بدن الميت ، والاّ فغير دفنه مبنى على الاحتياط )^}) وكفن وصلي عليه ودفن ،({^( لكن الدفن فيه وفيما لم يكن فيه عظم واجب على الأقوى )^}) وكذا إذا كان الصدر وحده ، أو بعضه على الأحوط وجوباً ، وفي الأخيرين يقتصر في التكفين على القميص والإزار وفي الأول يضاف إليهما المئزر إن وجد له محل ، و إن وجد غير عظم الصدر مجرداً كان ، أو مشتملاً عليه اللحم ، غسل وحنط ولفّ بخرقة ودفن على الأحوط وجوباً ولم يصل عليه ،({^(بل على الأقوى )^}) و إن لم يكن فيه عظم لف بخرقة ودفن على الأحوط وجوباً .
مسألة ۳۳۰ : السقط إذا تمّ له أربعة أشهر غسل وحنط وكفن ولم يصل عليه ، و إذا كان لدون ذلك لف بخرقة ودفن على الأحوط وجوباً ، لكن لو ولجته الروح حينئذ فالأحوط إن لم يكن أقوى جريان حكم الأربعة أشهر عليه .