مسألة ۱۰۵۲ : يجوز للموصي أن يعين شخصاً لتنفيذ وصاياه ، ويقال له : الوصي ، ويشترط فيه أمور :
( الأول ) : البلوغ على المشهور ، فلا تصح الوصاية إلى الصبي منفرداً إذا أراد منه التصرف في حال صباه مستقلاً ، ولكنه لا يخلو عن إشكال ، نعم الأحوط أن يكون تصرفه باذن الولي أو الحاكم الشرعي .
أما لو أراد أن يكون تصرفه بعد البلوغ أو مع إذن الولي ، فالأظهر صحة الوصية ، وتجوز الوصاية إليه منضماً إلى الكامل سواءً أراد أن لا يتصرف الكامل إلا بعد بلوغ الصبي أم أراد أن يتصرف منفرداً قبل بلوغ الصبي ، لكن في الصورة الأولى إذا كانت عليه تصرفات فورية كوفاء دين عليه ونحوه يتولى ذلك الحاكم الشرعي .
( الثاني ) : العقل فلا تصح الوصية إلى المجنون في حال جنونه سواءً أكان مطبقاً أم أدواريا ، و إذا أوصى إليه في حال العقل ثم جن بطلت الوصاية إليه ، و إذا أفاق بعد ذلك عادت على الأظهر ، وأما إذا نص الموصي على عودها فلا إشكال .
( الثالث ) : الإسلام إذا كان الموصي مسلماً على المشهور ، وفيه إشكال .({^والأقوى اعتباره في القيم على أولاده الصغار .^})
مسألة ۱۰۵۳ : الظاهر عدم اعتبار العدالة في الوصي ، بل يكفي فيه الوثوق والأمانة .
هذا في الحقوق الراجعة إلى غيره كأداء الحقوق الواجبة والتصرف في مال الأيتام ونحو ذلك ، أما ما يرجع إلى نفسه كما إذا أوصى إليه في أن يصرف ثلثه في الخيرات والقربات ففي اعتبار الوثوق به إشكال .({^الظاهر عدم الاعتبار في غير الواجبات .^})
مسألة ۱۰۵۴ : إذا ارتد الوصي بطلت وصايته بناءً على اعتبار الإسلام في الوصي ولا تعود إليه إذا أسلم إلا إذا نص الموصي على عودها .
مسألة ۱۰۵۵ : إذا أوصى إلى عادل ففسق فان ظهر من القرينة التقييد بالعدالة بطلت الوصية، و إن لم يظهر من القرينة التقيد بالعدالة لم تبطل ، وكذا الحكم إذا أوصى إلى الثقة .
مسألة ۱۰۵۶ : لا تجوز الوصية إلى المملوك إلا باذن سيده أو معلقة على حرّيته .
مسألة ۱۰۵۷ : تجوز الوصاية إلى المرأة على كراهة والأعمى والوارث .
مسألة ۱۰۵۸ : إذا أوصى إلى صبى وبالغ فمات الصبي قبل بلوغه أو بلغ مجنوناً ففي جواز انفراد البالغ بالوصية قولان ، أحوطهما الرجوع إلى الحاكم الشرعي فيضم إليه آخر .
مسألة ۱۰۵۹ : يجوز جعل الوصاية إلى إثنين أو أكثر على نحو الانضمام وعلى نحو الاستقلال ، فان نص على الأول فليس لأحدهما الاستقلال بالتصرف لا في جميع ما أوصى به ولا في بعضه ، و إذا عرض لأحدهما ما يوجب سقوطه عن الوصاية من موت ونحوه ضم الحاكم آخر إلى الآخر .
و إن نص على الثاني جاز لأحدهما الاستقلال وأيهما سبق نفذ تصرفه ، و إن اقترنا في التصرف مع تنافي التصرفين بأن باع أحدهما على زيد والآخر على عمرو في زمان واحد بطلا معاً .
ولهما أن يقتسما الثلث بالسوية وبغير السوية .
و إذا سقط أحدهما عن الوصاية انفرد الآخر ولم يضم إليه الحاكم آخر ، و إذا أطلق الوصاية إليهما ولم ينص على الانضمام والاستقلال جرى عليه حكم الانضمام إلا إذا كانت قرينة على الانفراد كما إذا قال : وصيي فلان وفلانة فإذا ماتا كان الوصي فلانا فإنه إذا مات أحدهما استقل الباقي ولم يحتج إلى أن يضم إليه الحاكم آخر ، وكذا الحكم في ولاية الوقف .
مسألة ۱۰۶۰ : إذا قال : زيد وصيي فإن مات فعمرو وصيي ، صح ويكونان وصيين مترتبين وكذا يصح إذا قال : وصيي زيد فإن بلغ ولدي فهو الوصي .
مسألة ۱۰۶۱ : يجوز أن يوصي إلى وصيين أو أكثر ويجعل الوصاية إلى كل واحد في أمر بعينه لا يشاركه فيه الآخر .
مسألة ۱۰۶۲ : إذا أوصى إلى إثنين بشرط الانضمام فتشاحا لاختلاف نظرهما ، فإن لم يكن مانع لأحدهما بعينه من الانضمام إلى الآخر أجبره الحاكم على ذلك ، و إن لم يكن مانع لكل منهما من الانضمام أجبرهما الحاكم عليه ، و إن كان لكل منهما مانع انضم الحاكم إلى أحدهما ونفذ تصرفه دون الآخر .
مسألة ۱۰۶۳ : إذا قال : أوصيت بكذا وكذا وجعلت الوصي فلاناً إن استمر على طلب العلم مثلاً صح ، وكان فلان وصياً إذا استمر على طلب العلم ، فإن انصرف عنه بطلت وصايته وتولى تنفيذ وصيته الحاكم الشرعي .
مسألة ۱۰۶۴ : إذا عجز الوصي عن تنفيذ الوصية ضم إليه الحاكم من يساعده، و إذا ظهرت منه الخيانة ضم إليه أميناً يمنعه عن الخيانة، فإن لم يمكن ذلك عزله ونصب غيره.
مسألة ۱۰۶۵ : إذا مات الوصي قبل تنجيز تمام ما أوصي إليه به نصب الحاكم الشرعي وصياً لتنفيذه .
وكذا إذا مات في حياة الموصي ولم يعلم هو بذلك أو علم ولم ينصب غيره ولم يكن ما يدل على عدوله عن أصل الوصية .
مسألة ۱۰۶۶ : ليس للوصي أن يوصي إلى أحد في تنفيذ ما أوصى إليه به إلا أن يكون مأذوناً من الموصي في الإيصاء إلى غيره .
مسألة ۱۰۶۷ : الوصي أمين لا يضمن إلا بالتعدي أو التفريط ، ويكفي في الضمان حصول الخيانة بالاضافة إلى ضمان موردها ، أما الضمان بالنسبة إلى الموارد الأخر مما لم يتحقق فيها الخيانة ففيه إشكال بل الأظهر العدم .
مسألة ۱۰۶۸ : إذا عين الموصي للوصي عملاً خاصاً أو قدراً خاصاً أو كيفية خاصة وجب الاقتصار على ما عين ولم يجز له التعدي فإن تعدى كان خائناً ، و إذا أطلق له التصرف بأن قال له : أخرج ثلثي وأنفقه ، عمل بنظره ، ولابد من ملاحظة مصلحة الميت ، فلا يجوز له أن يتصرف كيف شاء و إن لم يكن صلاحاً للميت أو كان غيره أصلح مع تيسر فعله على النحو المتعارف ، ويختلف ذلك باختلاف الأموات ، فربما يكون الأصلح أداء العبادات الاحتياطية عنه ، وربما يكون الاصلح أداء الحقوق المالية الاحتياطية ، و ربما يكون الاصلح أداء حق بعينه احتياطي دون غيره أو أداء الصلاة عنه دون الصوم ، وربما يكون الاصلح فعل القربات والصدقات وكسوة العراة ومداواة المرضى ونحو ذلك .
هذا إذا لم يكن تعارف يكون قرينة على تعيين مصرف بعينه و إلا كان عليه العمل.
مسألة ۱۰۶۹ : إذا قال : أنت وصيي ولم يعين شيئاً ولم يعرف المراد منه و أنه تجهيزه أو صرف ثلثه أو شؤون أخرى كان لغواً ، إلا إذا كان تعارف يكون قرينة على تعيين المراد ، كما يتعارف في كثير من بلدان العراق أنه وصي في إخراج الثلث وصرفه في مصلحة الموصي وأداء الحقوق التي عليه وأخذ الحقوق التي له و ردّ الأمانات والبضائع إلى أهلها وأخذها .
نعم في شموله للقيمومة على القاصرين من أولاده إشكال ، والأحوط أن لا يتصدى لأمورهم إلا بعد مراجعة الحاكم الشرعي وعدم نصب الحاكم الشرعي غيره إلا بأذن منه .
مسألة ۱۰۷۰ : يجوز للموصى إليه أن يرد الوصية في حال حياة الموصي بشرط أن يبلغه الرد ، بل الأحوط اعتبار إمكان نصب غيره له أيضاً ، ولا يجوز له الرد بعد موت الموصي سواءً قبلها قبل الرد أم لم يقبلها .({^وقد سبق حكم الوصيّة بالتجهيز في المسألة (۲۶۳ غسل الأموات) .^})
مسألة ۱۰۷۱ : الرد السابق على الوصية لا أثر له ، فلو قال زيد لعمرو : لا أقبل أن توصي إليّ ، فأوصى عمرو إليه لزمته الوصية إلا أن يردّها بعد ذلك .
مسألة ۱۰۷۲ : لو أوصى إلى أحد فردّ الوصية فأوصى إليه ثانياً ولم يردّها ثانياً لجهله بها ففي لزومها له قول ، ولكنه لا يخلو من إشكال بل الأظهر خلافه .
مسألة ۱۰۷۳ : إذا رأى الوصي أن تفويض الأمر إلى شخص في بعض الأمور الموصى بها أصلح للميت جاز له تفويض الأمر إليه ، كأن يفوض أمر العبادات التي أوصى بها إلى من له خبرة في الاستنابة في العبادات ، ويفوض أمر العمارات التي أوصى بها إلى من له خبرة فيها ، ويفوض أمر الكفارات التي أوصى بها إلى من له خبرة بالفقراء وكيفية القسمة عليهم وهكذا .
وربما يفوض الأمر في جميع ذلك إلى شخص واحد إذا كانت له خبرة في جميعها .
وقد لا يكون الموصي قد أوصى بأمور معينة بل أوصى بصرف ثلثه في مصالحه وأوكل تعيين المصرف كماً وكيفاً إلى نظر الوصي فيرى الوصي من هو أعرف منه في تعيين جهات المصرف وكيفيتها فيوكل الأمر إليه فيدفع الثلث إليه بتمامه ويفوض إليه تعيين الجهات كماً وكيفاً كما يتعارف ذلك عند كثير من الأوصياء ، حيث يدفعون الثلث الموصى به إلى المجتهد الموثوق به عندهم ، فالوصاية إلى شخص ولاية في التصرف ولو بواسطة التفويض إلى الغير ، فلا بأس أن يفوض الوصي أمر الوصية إلى غيره إلا أن تقوم القرينة على إرادة الموصي منه المباشرة ، فلا يجوز له حينئذ التفويض .
مسألة ۱۰۷۴ : لا يجوز للوصي تفويض الوصاية إلى غيره ، بمعنى عزل نفسه عن الوصاية وجعلها له فيكون غيره وصياً عن الميت بجعل منه .
مسألة ۱۰۷۵ : إذا بطلت وصاية الوصي لفوات شرطها نصب الحاكم الشرعي وصياً مكانه أو تولى الصرف بنفسه وكذا إذا أوصى ولم يعين وصياً أصلاً .
مسألة ۱۰۷۶ : إذا نسي الوصي مصرف المال الموصى به وعجز عن معرفته صرفه في وجوه البرّ التي يحتمل أن تكون مصرف المال الموصى به ، هذا إذا كان التردد بين غير المحصور ، أما إذا تردد بين محصور ففيه إشكال ، ولا يبعد الرجوع إلى القرعة في تعيينه .
مسألة ۱۰۷۷ : يجوز للموصي أن يجعل ناظراً على الوصي مشرفاً ومطلعاً على عمله بحيث لا يجوز للوصي أن يعمل بالوصية إلا باطلاع الناظر و إشرافه عليه ، فإذا عمل بدون إشرافه كان بدون إذن من الموصي وخيانة له ، و إذا عمل باطلاعه كان مأذوناً فيه وأداءً لوظيفته ، ولا يجب على الوصي متابعة مثل هذا الناظر في رأيه ونظره ، فإذا أوصى الموصي باستنابة من يصلي عنه فاستناب الوصي زيداً وكان الناظر يريد استنابة عمرو ويراها أرجح لم يقدح ذلك في صحة استنابة زيد وليس للناظر الاعتراض عليه في ذلك ، نعم لو جعله ناظراً على الوصي بمعنى أن يكون عمل الوصي بنظره ففي المثال المذكور لا تصح استنابة زيد وتجب استنابة عمرو ، لكن هذا المعنى خلاف ظاهر جعل الناظر على الوصي .
والظاهر أنه إذا خان الوصي لم يجب على الناظر ـ بما هو ناظـر ـ مدافعـته في كلتا الصورتين ، فلو لم يدافع لم يكن ضامناً ، وفي كلتا الصورتين إذا مات الناظر لزم الوصي الرجوع إلى الحاكم الشرعي .
مسألة ۱۰۷۸ : الوصية جائزة من طرف الموصي فإذا أوصى بشىء جاز له العدول إلى غيره.
مسألة ۱۰۷۹ : إذا أوصى إلى أحد جاز له العدول إلى غيره .
مسألة ۱۰۸۰ : إذا أوصى بأشياء جاز له العدول عن جميعها وعن بعضها ، كما يجوز له تبديل جميعها وتبديل بعضها ما دام فيه الروح إذا وجدت فيه الشرائط المتقدمة من العقل والاختيار وغيرهما .
مسألة ۱۰۸۱ : إذا أوصى إلى شخص ثم أوصى إلى آخر ولم يخبر الوصي الأول بالعدول عنه إلى غيره فمات فعمل الوصي الأول بالوصية ، ثم علم كانت الغرامة على الميت فتخرج من أصل التركة ثم يخرج الثلث للوصي الثاني .
هذا إذا لم يكن العدول عن الأول لسبب ظاهر ، أما إذا كان لسبب ظاهر ، كما إذا هاجر الوصي الأول إلى بلاد بعيدة أو حدثت بينه وبين الوصي عداوة ومقاطعة فعدل عنه كان ما صرفه الوصي الأول من مال نفسه .