الفصل الحادي عشر في السلف
ويقال له السلم أيضاً وهو ابتياع كلي مؤجل بثمن حال ، عكس النسيئة ، ويقال للمشتري المسلم ( بكسر اللام ) وللبائع المسلم إليه وللثمن المسلم وللمبيع المسلم فيه ( بفتح اللام ) في الجميع .
مسألة ۲۴۶ : يجوز في السلف أن يكون المبيع والثمن من غير النقدين مع اختلاف الجنس أو عدم كونهما أو أحدهما من المكيل والموزون كما يجوز أن يكون أحدهما من النقدين والآخر من غير هما ثمناً كان أو مثمناً ، ولا يجوز أن يكون كل من الثمن والمثمن من النقدين اختلفا في الجنس أو اتفقا .
يشترط في السلف أمور :
( الأول ) : أن يكون المبيع مضبوط الأوصاف التي تختلف القيمة باختلافها كالجودة والرداءة والطعم والريح واللون وغيرها كالخضر والفواكه والحبوب والجوز واللوز والبيض والملابس والأشربة والأدوية وآلات السلاح وآلات النجارة والنساجة والخياطة وغيرها من الأعمال والحيوان والإنسان وغير ذلك ، فلا يصح فيما لا يمكن ضبط أوصافه كالجواهر واللآلي والبساتين وغيرها مما لا ترتفع الجهالة والغرر فيها إلا بالمشاهدة .
( الثاني ) : ذكر الجنس والوصف الرافع للجهالة .
( الثالث ) : قبض الثمن قبل التفرق ولو قبض البعض صح فيه وبطل في الباقي ، ولو كان الثمن ديناً في ذمة البائع فالاقوى الصحة إذا كان الدين حالا ، لا مؤجلا .
( الرابع ) : تقدير المبيع ذي الكيل أو الوزن أو العد بمقداره .
( الخامس ) : تعيين أجل مضبوط للمسلم فيه بالأيام أو الشهور أو السنين أو نحوها ، ولو جعل الاجل زمان الحصاد أو الدياس أو الحضيرة بطل البيع ، ويجوز فيه أن يكون قليلا كيوم ونحوه وأن يكون كثيرا كعشرين سنة .
( السادس ) : إمكان دفع ما تعهد البائع دفعه وقت الحلول وفي البلد الذي شرط التسليم فيه إذا كان قد شرط ذلك سواءً أكان عام الوجود أم نادره ، فلو لم يمكن ذلك ولو تسبيبا لعجزه عنه ولو لكونه في سجن أو في بيداء لا يمكنه الوصول إلى البلد الذي اشترط التسليم فيه عند الاجل بطل .
مسألة ۲۴۷ : إطلاق العقد يقتضي وجوب تسليم المسلم فيه في بلد العقد إلا أن تقوم قرينة على الإطلاق أو على تعيين غيره فيعمل على طبقها ، والأقوى عدم وجوب تعيينه في العقد إلا إذا اختلفت الأمكنة في صعوبة التسليم فيها ولزوم الخسارة المالية بحيث يكون الجهل بها غررا فيجب تعيينه حينئذ .
مسألة ۲۴۸ : إذا جعل الاجل شهرا قمريا أو شمسيا أو شهرين فإن كان وقوع المعاملة في أول الشهر فالمراد تمام ذلك الشهر ، و إن كان في أثناء الشهر فالمراد من الشهر مجموع ما بقي منه مع إضافة مقدار من الشهر الثاني يساوي الماضي من الشهر الأول وهكذا .
مسألة ۲۴۹ : إذا جعل الاجل جمادى أو ربيعا حمل على أولهما من تلك السنة وحلّ بأول جزء من ليلة الهلال ، و إذا جعله الجمعة أو الخميس حمل على الأول من تلك السنة وحل بأول جزء من نهار اليوم المذكور .
مسألة ۲۵۰ : إذا اشترى شيئاً سلفاً جاز بيعه من بائعه({^الأحوط عدم بيعه من بائعه قبل حلول الأجل . ^})قبل حلول الاجل وبعده بجنس آخر أو بجنس الثمن بشرط عدم الزيادة ، ولا يجوز بيعه من غيره قبل حلول الاجل ، ويجوز بعده سواءً باعه بجنس آخر أو بجنس الثمن مع الزيادة أو النقيصة أو التساوي ، هذا في غير المكيل والموزون ، وأما فيهما فلا يجوز بيعهما قبل القبض مرابحة مطلقا كما تقدم .
مسألة ۲۵۱ : إذا دفع البائع المسلم فيه دون الصفة لم يجب على المشترى القبول ، ولو رضى بذلك صح ، وكذلك إذا دفع أقل من المقدار ، وتبرأ ذمة البائع إذا أبرأ المشتري الباقي ، و إذا دفعه على الصفة والمقدار وجب عليه القبول ، و إذا دفع فوق الصفة ، فإن كان شرط الصفة راجعاً إلى استثناء ما دونها فقط وجب القبول أيضاً ، و إن كان راجعا إلى استثناء ما دونها وما فوقها لم يجب القبول ، ولو دفع إليه زائداً على المقدار لم يجب القبول .
مسألة ۲۵۲ : إذا حل الاجل ولم يتمكن البائع من دفع المسلم فيه تخير المشتري بين الفسخ والرجوع بالثمن بلا زيادة ولا نقيصة وبين أن ينتظر إلى أن يتمكن البائع من دفع المبيع إليه في وقت آخر ، ولو تمكن من دفع بعضه وعجز عن الباقي كان له الخيار في الباقي بين الفسخ فيه والانتظار ، وفي جواز فسخه في الكل حينئذ إشكال ، والأظهر الجواز ، نعم لو فسخ في البعض جاز للبائع الفسخ في الكل .
مسألة ۲۵۳ : لو كان المبيع موجودا في غير البلد الذي يجب التسليم فيه ، فإن تراضيا بتسليمه في موضع وجوده جاز ، و إلا فإن أمكن وتعارف نقله إلى بلد التسليم وجب على البائع نقله، و إلا فيجري الحكم المتقدم من الخيار بين الفسخ والانتظار.