الغنائم
مسألة ۳۶ : إن ما استولى عليه المسلمون المقاتلون من الكفار بالجهاد المسلح يكون على ثلاثة أنواع :
النوع الأول : ما يكون منقولاً كالذهب والفضة والفرش والأواني والحيوانات وما شاكل ذلك .
النوع الثاني : ما يسبى كالأطفال والنساء .
النوع الثالث : ما لا يكون منقولاً كالأراضي والعقارات .
أما النوع الأول فيخرج منه الخمس وصفايا الأموال وقطايع الملوك إذا كانت ، ثم يقسم الباقي بين المقاتلين على تفصيل يأتي في ضمن الابحاث الآتية .
نعم ، لولي الأمر حقّ التصرف فيه كيفما يشاء حسب ما يرى فيه من المصلحة قبل التقسيم ، فإن ذاك مقتضى ولايته المطلقة على تلك الأموال ، ويؤكده قول زرارة في الصحيح : « الإمام يجري وينفل ويعطي ما يشاء قبل أن تقع السهام ، وقد ۱ ـ شرائع الإسلام : ۱۳۹ .
قاتل رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)بقوم لم يجعل لهم في الفىء نصيبا ، و إن شاء قسم ذلك بينهم » .({^الوسائل ج ۹ باب ۱ من أبواب الانفال ، الحديث ۲ .^})
ويؤيد ذلك مرسلة حماد بن عيسى عن بعض أصحابنا عن العبد الصالح (عليه السلام)في حديث قال : « وللإمام صفو المال ـ إلى أن قال ـ وله أن يسد بذلك المال جميع ما ينوبه من مثل إعطاء المؤلفة قلوبهم وغير ذلك » الحديث .({^الوسائل ج ۹ باب ۱ من أبواب الأنفال وما يختص بالإمام ، الحديث ۴ .^})
وأما رواية حفص بن غياث عن أبي عبدالله (عليه السلام) ، قلت : فهل يجوز للإمام أن ينفل ؟ فقال له : « أن ينفل قبل القتال ، فاّما بعد القتال والغنيمة فلا يجوز ذلك ، لأن الغنيمة قد أحرزت »({^الوسائل ج ۱۵ باب ۳۸ من جهاد العدو ، الحديث ۱ . ^})فلا يمكن الأخذ بها لضعف الرواية سنداً .
مسألة ۳۷ : لا يجوز للمقاتلين الذين استولوا عليه أن يتصرفوا فيه قبل القسمة وضعاً ولا تكليفاً .
نعم ، يجوز التصرف فيما جرت السيرة بين المسلمين على التصرف في أثناء الحرب كالمأكولات والمشروبات وعلف الدواب وما شاكل ذلك بمقدار ما كانت السيرة عليه دون الزائد .
مسألة ۳۸ : إذا كان المأخوذ من الكفار مما لا يصح تملكه شرعاً كالخمر والخنزير وكتب الضلال أو ما شابه ذلك لم يدخل في الغنيمة جزماً ، ولا يصح تقسيمه بين المقاتلين، بل لابدّ من إعدامه و إفنائه، نعم ، يجوز أخذ الخمر للتخليل ويكون للآخذ.
مسألة ۳۹ : الأشياء التي كانت في بلاد الكفار ولم تكن مملوكة لأحد كالمباحات الأصلية مثل الصيود والأحجار الكريمة ونحو ذلك لا تدخل في الغنيمة ، بل تظل على إباحتها فيجوز لكل واحد من المسلمين تملكها بالحيازة ، نعم ، إذا كان عليها أثر الملك دخلت في الغنيمة .
مسألة ۴۰ : إذا وجد شىء في دار الحرب كالخيمة والسلاح ونحوهما ، ودار أمره بين أن يكون للمسلمين أو من الغنيمة ، ففي مثل ذلك المرجع هو القرعة ، حيث إنه ليس لنا طريق آخر لتعيين ذلك غيرها ، فحينئذ إن أصابت القرعة على كونه من الغنيمة دخل في الغنائم وتجري عليه أحكامها ، و إن أصابت على كونه للمسلمين فحكمه حكم المال المجهول مالكه .
وأما النوع الثاني وهو ما يسبى كالأطفال والنساء ، فإنه بعد السبي والاسترقاق يدخل في الغنائم المنقولة ، ويكون حكمه حكمها ، وأما حكمه قبل السبي والاسترقاق فقد تقدم .
مسألة ۴۱ : إذا كان في الغنيمة من ينعتق على بعض الغانمين ، فذهب جماعة إلى أنه ينعتق عليه بمقدار نصيبه منه ، وهذا القول مبني على أساس أن الغانم يملك الغنيمة بمجرد الاغتنام والاستيلاء ، وهو لا يخلو عن إشكال بل منع ، فالأقوى عدم الانعتاق ، لعدم الدليل على أنه يملك بمجرد الاغتنام ، بل يظهر من قول زرارة في الصحيحة المتقدمة آنفا عدم الملك بمجرد ذلك .
وأما النوع الثالث وهو ما لا ينقل كالأراضي أو العقارات ، فإن كانت الأرض مفتوحة عنوة وكانت محياة حال الفتح من قبل الناس ، فهي ملك لعامة المسلمين بلا خلاف بين الاصحاب ، وتدل عليه صحيحة الحلبي الآتية وغيرها ، و إن كانت مواتاً أو كانت محياة طبيعية ولا رب لها فهي من الأنفال .