كتاب اللقطة
وهي المال الضائع الذي لا يد لأحد عليه ، المجهول مالكه .
مسألة ۶۲۸ : الضائع إما إنسان أو حيوان أو غيرهما من الأموال .
( والأول ) : يسمى لقيطاً .
( والثاني ) : يسمى ضالة .
( والثالث ) : يسمى لقطة بالمعنى الأخص .
مسألة ۶۲۹ : لقيط دارالإسلام محكوم بحريته ، وكذا لقيط دار الكفر إذا كان فيها مسلم أو ذمي يمكن تولده منه ، ووارثه الإمام إذا لم يكن له وارث وكذلك الإمام عاقلته ، و إذا بلغ رشيداً فأقرّ برقيته قبل منه .
مسألة ۶۳۰ : لقيط دارالكفر إذا لم يكن فيها مسلم أو ذمي يمكن تولده منه يجوز استرقاقه.
مسألة ۶۳۱ : أخذ اللقيط واجب على الكفاية إذا توقف عليه حفظه ، فإذا أخذه كان أحقّ بتربيته وحضانته من غيره إلا أن يوجد من له الولاية عليه لنسب أو غيره ، فيجب دفعه إليه حينئذ ولا يجري عليه حكم الالتقاط .
مسألة ۶۳۲ : ما كان في يد اللقيط من مال محكوم بأنه ملكه .({^(إطلاقه لغير المميز محل إشكال وإن كان لا يجوز أخذه منه )^})
مسألة ۶۳۳ : يشترط في ملتقط الصبي البلوغ والعقل والحرية ، فلا اعتبار بالتقاط الصبي والمجنون والعبد إلا بإذن مولاه بل يشترط الإسلام فيه إذا كان اللقيط محكوماً بإسلامه ، فلو التقط الكافر صبياً في دار الإسلام لم يجر على التقاطه أحكام الالتقاط ولا يكون أحق بحضانته .
مسألة ۶۳۴ : اللقيط إن وجد متبرع بنفقته أنفق عليه ، و إلا فإن كان له مال أنفق عليه منه بعد الاستئذان من الحاكم الشرعي أو من يقوم مقامه ، و إلا أنفق الملتقط من ماله عليه ورجع بها عليه({^( في جواز الرجوع إذا كبر وتولى الى ملتقطه إشكال )^}) إن لم يكن قد تبرع بها و إلا لم يرجع .
مسألة ۶۳۵ : يكره أخذ الضالة حتى لو خيف عليها التلف .
مسألة ۶۳۶ : إذا وجد حيوان في غير العمران كالبراري والجبال والآجام والفلوات ونحوها من المواضع الخالية من السكان ، فإن كان الحيوان يحفظ نفسه ويمتنع عن السباع لكبر جثته أو سرعة عدوه أو قوته كالبعير والفرس والجاموس والثور ونحوها لم يجز أخذه سواءً أكان في كلاء وماء أم لم يكن فيهما إذا كان صحيحاً يقوى على السعي إليهما ، فإن أخذه الواجد حينئذ كان آثماً وضامناً له وتجب عليه نفقته ولا يرجع بها على المالك ، و إذا استوفى شيئاً من نمائه كلبنه وصوفه كان عليه مثله أو قيمته ، و إذا ركبه أو حمله حملاً كان عليه أجرته ولا يبرأ من ضمانه إلا بدفعه إلى مالكه، نعم إذا يئس من الوصول إليه ومعرفته تصدق به عنه بإذن الحاكم الشرعي .({^(على الأحوط في الاستيذان )^})
مسألة ۶۳۷ : إن كان الحيوان لا يقوى على الامتناع من السباع جاز أخذه كالشاة وأطفال الإبل والبقر والخيل والحمير ونحوها ، فإن أخذه عرفه في موضع الالتقاط والأحوط أن يعرفه في ما حول موضع الالتقاط أيضاً فإن لم يعرف المالك جاز له تملكها والتصرف فيها بالأكل والبيع .
والمشهور أنه يضمنها حينئذ بقيمتها لكن من الظاهر أن الضمان مشروط بمطالبة المالك فإذا جاء صاحبها وطلبها وجب عليه دفع القيمة ، وجاز له أيضاً إبقاؤها عنده إلى أن يعرف صاحبها ولا ضمان عليه حينئذ .
مسألة ۶۳۸ : إذا ترك الحيوان صاحبه في الطريق فإن كان قد أعرض عنه جاز لكل أحد تملكه كالمباحات الأصلية ولا ضمان على الآخذ ، و إذا تركه عن جهد وكلل بحيث لا يقدر أن يبقى عنده ولا يقدر أن يأخذه معه ، فإذا كان الموضع الذي تركه فيه لا يقدر الحيوان على التعيش فيه لأنه لا ماء ولاكلاء ولا يقوى الحيوان فيه على السعي إليهما جاز لكل أحد أخذه وتملكه .
وأما إذا كان الحيوان يقدر فيه على التعيش لم يجز لأحد أخذه ولا تملكه ، فمن أخذه كان ضامناً له ، وكذا إذا تركه عن جهد وكان ناوياً للرجوع إليه قبل ورود الخطر عليه .
مسألة ۶۳۹ : إذا وجد الحيوان في العمران وهو المواضع المسكونة التي يكون الحيوان فيها مأموناً كالبلاد والقرى وما حولها مما يتعارف وصول الحيوان منها إليه لم يجز له أخذه ، ومن أخذه ضمنه ويجب عليه التعريف ويبقى في يده مضموناً إلى أن يؤديه إلى مالكه ، فإن يئس منه تصدق به بإذن الحاكم الشرعي .({^( على الأحوط في الاستيذان )^})
نعم إذا كان غير مأمون من التلف عادة لبعض الطوارئ لم يبعد جريان حكم غير العمران عليه من جواز تملكه في الحال بعد التعريف ومن ضمانه له كما سبق .
مسألة ۶۴۰ : إذا دخلت الدجاجة أو السخلة في دار إنسان لا يجوز له أخذها ويجوز إخراجها من الدار وليس عليه شيء إذا لم يكن قد أخذها ، أما إذا أخذها ففي جريان حكم اللقطة عليها إشكال ، والأحوط التعريف بها حتى يحصل اليأس من معرفة مالكها ثم يتصدق بها ،({^( والأحوط الاستيذان من الحاكم الشرعي )^}) ولا يبعد عدم ضمانها لصاحبها إذا ظهر .
مسألة ۶۴۱ : إذا احتاجت الضالة إلى نفقة فإن وجد متبرع بها أنفق عليها و إلا أنفق عليها من ماله ورجع بها على المالك .
مسألة ۶۴۲ : إذا كان للضالة نماء أو منفعة استوفاها الآخذ يكون ذلك بدل ما أنقفه عليها ، ولكن لا بد أن يكون ذلك بحساب القيمة على الأقوى .
مسألة ۶۴۳ : كل ما ليس حيواناً ولا إنساناً إذا كان ضائعاً ومجهول المالك وهو المسمى لقطة بالمعنى الأخص يجوز أخذه على كراهة ، ولا فرق بين ما يوجد في الحرم وغيره و إن كانت كراهة الأخذ في الأول أشدّ وآكد .
مسألة ۶۴۴ : لو انكسرت سفينة في البحر فما أخرجه من متاعها فهو لصاحبه وما أخرج بالغوص فهو لمخرجه إذا كان صاحبه قد تركه .
مسألة ۶۴۵ : اللقطة المذكورة إن كانت قيمتها دون الدرهم جاز تملكها بمجرد الاخذ ولا يجب فيها التعريف ولا الفحص عن مالكها ، ثم إذا جاء المالك فإن كانت العين موجودة ردّها إليه و إن كانت تالفة لم يكن عليه البدل .({^(بل الأحوط وجوباً ردُّها ان كانت موجودة وردُّ بدلها ان كانت تالفة )^})
مسألة ۶۴۶ : إذا كانت قيمة اللقطة درهماً فما زاد وجب على الملتقط التعريف بها والفحص عن مالكها فإن لم يعرفه فإن كان قد التقطها في الحرم فالاحوط({^(بل الأقوى )^}) أن يتصدق بها عن مالكها وليس له تملكها ، و إن التقطها في غير الحرم تخير بين أمور ثلاثة : تملكها مع الضمان ، والتصدق بها مع الضمان ، و إبقاؤها أمانة في يده بلا ضمان .
مسألة ۶۴۷ : المدار في القيمة على مكان الالتقاط وزمانه دون غيره من الأمكنة والأزمنة.
مسألة ۶۴۸ : المراد من الدرهم ما يساوي ( ۶/۱۲ ) حمصة من الفضة المسكوكة فإن عشرة دراهم تساوي خمسة مثاقيل صيرفية وربع مثقال .
مسألة ۶۴۹ : إذا كان المال الملتقط مما لا يمكن تعريفه إما لأنه لا علامة فيه كالمسكوكات المفردة والمصنوعات بالمصانع المتداولة في هذه الازمنة أو لأن مالكه قد سافر إلى البلاد البعيدة التي يتعذر الوصول إليها أو لأن الملتقط يخاف من الخطر والتهمة إن عرف به أو نحو ذلك من الموانع سقط التعريف ، والأحوط التصدق به عنه ،({^( بإذن الحاكم الشرعي)^}) وجواز التملك لا يخلو من إشكال و إن كان الأظهر جوازه({^( بل الأحوط عدم التملك)^}) فيما لا علامة له .
مسألة ۶۵۰ : تجب المبادرة إلى التعريف من حين الالتقاط إلى تمام السنة على وجه التوالي ، فإن لم يبادر إليه كان عاصياً ولكن لا يسقط وجوب التعريف عنه ، بل تجب المبادرة إليه بعد ذلك إلى أن ييأس من المالك .
وكذا الحكم لو بادر إليه من حين الالتقاط ولكن تركه بعد ستة أشهر مثلاً حتى تمّت السنة .
فإذا تمّ التعريف تخير بين التصدق والإبقاء للمالك .
مسألة ۶۵۱ : إذا كان الملتقط قد ترك المبادرة إلى التعريف من حين الالتقاط لعذر أو ترك الاستمرار عليه كذلك إلى انتهاء السنة فالحكم كما تقدم فيتخير بين التصدق والابقاء للمالك غير إنه لا يكون عاصياً .
مسألة ۶۵۲ : لا تجب مباشرة الملتقط للتعريف فتجوز له الاستنابة فيه بلا أجرة أو بأجرة ، والأقوى كون الاجرة عليه لا على المالك و إن كان الالتقاط بنية إبقائها في يده للمالك .
مسألة ۶۵۳ : إذا عرّفها سنة كاملة ، فقد عرفت أنه يتخير بين التصدق وغيره من الأمور المتقدمة ، ولا يشترط في التخيير بينها اليأس من معرفة المالك .
مسألة ۶۵۴ : إذا كان الملتقط يعلم بالوصول إلى المالك لو زاد في التعريف على السنة فالاحوط لو لم يكن أقوى لزوم التعريف حينئذ وعدم جواز التملك أو التصدق .
مسألة ۶۵۵ : إذا كانت اللقطة مما لا تبقى كالخضر والفواكه واللحم ونحوها جاز أن يقومها الملتقط على نفسه ويتصرف فيها بما شاء من أكل ونحوه ويبقى الثمن في ذمته للمالك .
كما يجوز له أيضاً بيعها على غيره ويحفظ ثمنها للمالك({^( والأحوط وجوباً تأخير التصرّف مالم يطرء عليها الفساد ) ^})والأحوط({^( بل الأقوى )^}) أن يكون بيعها على غيره بإذن الحاكم الشرعي ، ولا يسقط التعريف عنه على الأحوط ، بل يحفظ صفاتها ويعرف بها سنة فإن وجد صاحبها دفع إليه الثمن الذي باعها به أو القيمة التي في ذمته و إلا لم يبعد جريان التخيير المتقدم .
مسألة ۶۵۶ : إذا ضاعت اللقطة من الملتقط فالتقطها آخر وجب عليه التعريف بها سنة ، فإن وجد المالك دفعها إليه و إن لم يجده ووجد الملتقط الأول جاز دفعها إليه إذا كان واثقاً بأنه يعمل بوظيفته ، وعليه إكمال التعريف سنة ولو بضميمة تعريف الملتقط الثاني ، فإن لم يجد أحدهما حتى تمت السنة جرى التخيير المتقدم من التملك والتصدق والابقاء للمالك .