كتاب الوقف وهو تحبيس الأصل وتسبيل الثمرة
مسألة ۱۱۰۰ : لا يكفي في تحقق الوقف مجرد النية ، بل لا بد من إنشاء ذلك بمثل : وقفت ، وحبست ونحوهما مما يدل على المقصود .
مسألة ۱۱۰۱ : الظاهر وقوعه بالمعاطاة ، مثل أن يعطي إلى قيم مسجد أو مشهد آلات الإسراج أو يعطيه الفراش أو نحو ذلك ، بل ربما يقع بالفعل بلا معاطاة مثل أن يعمر الجدار أو الأسطوانة الخربة من المسجد أو نحو ذلك ، فإنه إذا مات من دون إجراء صيغة الوقف لا يرجع ميراثاً إلى ورثته .
مسألة ۱۱۰۲ : الوقف تارة يكون له موقوف عليه يقصد عود المنفعة إليه ، وتارة لا يكون كذلك ، والثاني كوقف المسجد فان الواقف لم يلحظ في الوقف منفعة خاصة ، و إنما لاحظ مجرد حفظ العنوان الخاص ، وهو عنوان المسجدية ، وهذا القسم لا يكون له موقوف عليه .
مسألة ۱۱۰۳ : إذا لاحظ الواقف منفعة خاصة ، مثل الصلاة أو الذكر أو الدعاء أو نحوها من أنحاء العبادة ، فقال : وقفت هذا المكان على المصلين أو الذاكرين أو الداعين أو نحو ذلك لم يصر مسجداً ولم تجر عليه أحكام المسجد ، و إنما يصير وقفاً على الصلاة أو غيرها مما لاحظه الواقف ، ويكون من القسم الأول الذي له موقوف عليه ، وهو الذي لاحظ الواقف فيه المنفعة وهو على أقسام :
( الأول ) : أن يلحظ عود المنفعة إلى الموقوف عليهم بصيرورتها ملكاً لهم كما إذا قال : هذا المكان وقف على أولادي على أن تكون منافعه لهم ، أو هذه البستان وقف على أولادي على أن تكون ثمرتها لهم ، فتكون المنافع والثمرة ملكاً لهم كسائر أملاكهم ، تجوز المعاوضة منهم عليها ويرثها وارثهم وتضمن لهم عند طروء سبب الضمان وتجب الزكاة على كل واحد منهم عند بلوغ حصته النصاب .
( الثاني ) : أن يلحظ صرف المنافع على الموقوف عليهم من دون تمليك فلا تجوز المعاوضة من أحد الموقوف عليهم على حصته ولا تجب فيها الزكاة و إن بلغت النصاب ولا يرثها وارث الموقوف عليه إذا مات قبل أن تصرف المنفعة عليه ولكن المنفعة تضمن بطروء سبب الضمان وهذا القسم على نوعين .
( الأول ) : أن يلحظ فيه صرف شخص المنفعة ، كما إذا قال : هذه الشجرة وقف على أولادي يأكلون ثمرتها ، وفي مثله لا يجوز للولي تبديلها والمعاوضة عليها ، بل يصرف نفس الثمرة عليهم ليأكلوها .
( الثاني ) : أن لا يلحظ فيه صرف شخص المنفعة ، بل يلحظ الأعم منها ومن بدلها كما إذا قال : هذه البستان وقف على أولادي تصرف منفعتها عليهم سواءً أكان بتبديلها إلى عين أخرى بأن يبدل الولي الثمرة بالحنطة أو الدقيق أو الدراهم أم ببذل نفسها لهم .
( القسم الثالث ) : أن يلاحظ الواقف انتفاع الموقوف عليهم مباشرة باستيفاء المنفعة بأنفسهم ، مثل وقف خانات المسافرين والرباطات والمدارس وكتب العلم والأدعية ونحوها .
وهذا القسم كما لا تجوز المعاوضة على منافعه لا من الموقوف عليهم ولا من الولي لا توارث فيه ، والظاهر ثبوت الضمان فيه أيضاً إذا غصب المنفعة غاصب كالأقسام السابقة .
نعم الظاهر عدم الضمان في مثل المساجد التي يكون الوقف فيها تحريراً .
مسألة ۱۱۰۴ : الظاهر عدم اعتبار القبول في الوقف بجميع أنواعه وإن كان الاعتبار أحوط ، ولا سيما في الوقف بلحاظ ملك المنفعة سواءً أكان عاماً مثل الوقف على العلماء أم خاصا مثل الوقف على أولاده ، فيقبل في الأول الحاكم الشرعي ، وفي الثاني الموقوف عليهم من الطبقة الأولى .
مسألة ۱۱۰۵ : الأظهر عدم اعتبار القربة في صحة الوقف ولا سيما في مثل الوقف على الذرية .
مسألة ۱۱۰۶ : يعتبر في صحة الوقف قبض الموقوف عليه أو قبض وكيله أو وليه فإذا مات قبل القبض بطل ، ولا يعتبر في القبض الفورية ، وفي اعتبار إذن الواقف في القبض إشكال .
مسألة ۱۱۰۷ : يكفي في تحقق القبض في مثل الوقف على الذرية مثلاً قبض الطبقة الأولى.
مسألة ۱۱۰۸ : إذا وقف على أولاده الصغار وأولاد أولاده وكانت العين في يده كفى ذلك في تحقق القبض({^الأحوط إن لم يكن أقوى أن ينوي بإبقائها في يده الحيازة لهم .^}) ولم يحتج إلى قبض آخر ، و إذا كانت العين في يد غيره فلا بد من أخذها منه ليتحقق قبض وليهم .
مسألة ۱۱۰۹ : إذا كانت العين بيد الموقوف عليه كفى ذلك في قبضها ولم يحتج إلى قبض جديد .
مسألة ۱۱۱۰ : يكفي في قبض غير المنقول رفع الواقف يده عنه واستيلاء الموقوف عليهم عليه .
مسألة ۱۱۱۱ : في اعتبار القبض في صحة الوقف على الجهات العامة إشكال ، ولا يبعد عدم اعتباره ، ولا سيما إذا كان من نية الواقف أن تبقى في يده ويعمل بها على حسب ما وقف .
مسألة ۱۱۱۲ : بناءً على اعتبار القبض في الوقف على الجهات العامة فالظاهر عدم الحاجة إلى قبض الحاكم ، فإذا وقف مقبرة كفى في تحقق القبض الدفن فيها ، و إذا وقف مكاناً للصلاة تكفي الصلاة فيه ، و إذا وقف حسينية تكفي إقامة العزاء فيها .
وكذا الحكم في مثل وقف الخان على المسافرين والدار على سكنى العلماء والفقراء فإنه يكفي في قبضها السكنى فيها .
مسألة ۱۱۱۳ : إذا وقف حصيراً للمسجد كفى وضعه في المسجد ، وكذا في مثل آلات المشاهد والمعابد والمساجد ونحوها ، فإن الظاهر أنه يكفي في قبضها وضعها فيها بقصد استعمالها .
مسألة ۱۱۱۴ : إذا خرب جانب من جدار المسجد أو المشهد أو نحوها فعمره عامر فالظاهر كفاية ذلك في تمامية الوقف و إن لم يقبضه قابض ، و إذا مات لم يرجع ميراثاً لوارثه كما عرفت .
مسألة ۱۱۱۵ : إذا وقف على أولاده الكبار فقبض واحد منهم صح القبض في حصته ولم يصح في حصة الباقين .
مسألة ۱۱۱۶ : الوقوف التي تتعارف عند الأعراب بأن يقفوا شاة على أن يكون الذكر المتولد منها ( ذبيحة ) أي يذبح ويؤكل ، والأنثى ( منيحة ) أي تبقى وينتفع بصوفها ولبنها ، و إذا ولدت ذكراً كان ( ذبيحة ) و إذا ولدت أنثى كانت ( منيحة ) وهكذا ، فإذا كان وقفهم معلقاً على شفاء مريض أو ورود مسافر أو سلامة غنمهم من الغزو أو المرض أو نحو ذلك فهي باطلة ، و إذا كانت منجزة غير معلقة فالظاهر بطلانها({^بل الظاهر الصحّة .^}) أيضاً ، لأن المنيحة إذا كانت ملكاً للواقف فلا يمكن أن يكون نتاجها الذكر ذبيحة ، لأن وقف المعدوم باطل وإن خرجت عن ملك الواقف ، فلا يمكن أن يكون صوفها ولبنها راجعاً إليه أو إلى ورثته .
مسألة ۱۱۱۷ : لا يجوز في الوقف توقيته بمدة فإذا قال : داري وقف على أولادي سنة أو عشر سنين بطل ، والظاهر عدم صحته حبساً .
مسألة ۱۱۱۸ : إذا وقف على من ينقرض كما إذا وقف على أولاده وأولاد أولاده صح وقفاً ، فإذا انقرضوا رجع إلى ورثة الواقف حين الموت لاحين الانقراض ، فإذا مات الواقف عن ولدين ومات أحدهما قبل الانقراض وترك ولداً ثم انقرض الموقوف عليهم كانت العين الموقوفة مشتركة بين العم وابن أخيه .
مسألة ۱۱۱۹ : لا فرق فيما ذكرناه من صحة الوقف ورجوعه إلى ورثة الواقف بين كون الموقوف عليه مما ينقرض غالباً وبين كونه مما لا ينقرض غالبا فاتفق انقراضه .
نعم يستثنى من ذلك ما إذا ظهر من القرائن أن خصوصية الموقوف عليه ملحوظة بنحو تعدد المطلوب بأن كان الواقف قد أنشأ التصدق بالعين وكونه على نحو خاص ، فإذا بطلت الخصوصية بقي أصل التصدق ، فإذا قامت القرينة على ذلك وانقرض الموقوف عليه لم يرجع إلى الوارث أو ورثته ، بل تبقى العين وقفا وتصرف منافعها في جهة أخرى الأقرب فالاقرب .
مسألة ۱۱۲۰ : إذا وقف عيناً على غيره وشرط عودها إليه عند الحاجة ففي صحته قولان والأظهر البطلان .
مسألة ۱۱۲۱ : يشترط في صحة الوقف التنجيز ، فلو علقه على أمر مستقبل معلوم الحصول أو متوقع الحصول أو أمر حالي محتمل الحصول إذا كان لا يتوقف عليه صحة العقد بطل ، فإذا قال : وقفت داري إذا جاء رأس الشهر أو إذا ولد لي ذكر أو إن كان هذا اليوم يوم الجمعة بطل ، و إذا علقه على أمر حالي معلوم الحصول أو علقه على أمر مجهول الحصول ولكنه كان يتوقف عليه صحة العقد كما إذا قال زيد : وقفت داري إن كنت زيداً أو وقفت داري ان كانت لي صح .
مسألة ۱۱۲۲ : إذا قال : هذا وقف بعد وفاتي بطل إلا أن يفهم منه عرفاً أنه أراد الوصية بالوقف فيجب العمل بها عند تحقق شرائطها فيوقف بعده .
مسألة ۱۱۲۳ : يشترط في صحة الوقف إخراج الواقف نفسه عن الوقف ، فإذا وقف على نفسه بطل ، و إذا قال : داري وقف عليّ وعلى أخي مثلاً على نحو التشريك بطل الوقف في نصف الدار ، و إذا كان على نحو الترتيب بأن قصد الوقف على نفسه ثم على غيره كان الوقف من المنقطع الأول فيبطل مطلقا ، و إن قصد الوقف على غيره ثم على نفسه بطل بالنسبة على نفسه فقط وكان من الوقف المنقطع الآخر ، و إن قال : هي وقف على أخي ، ثم على نفسي ، ثم على شخص آخر بطل الوقف بالنسبة إلى نفسه والشخص الآخر ، وكان من الوقف المنقطع الوسط .
مسألة ۱۱۲۴ : إذا وقف على أولاده واشترط عليهم وفاء ديونه من مالهم ، عرفية كانت الديون أم شرعية كالزكاة والكفارات المالية صح ، بل الظاهر صحة الوقف إذا اشترط وفاء ديونه من حاصل الوقف ايضا .
مسألة ۱۱۲۵ : إذا وقف على جيرانه واشترط عليهم أكل ضيوفه أو القيام بمؤونة أهله وأولاده حتى زوجته صح ، و إذا اشترط عليهم نفقة زوجته الواجبة عليه من مالهم صح ، بل الظاهر الصحة مع اشتراطها من حاصل الوقف ايضا .
مسألة ۱۱۲۶ : إذا وقف عينا له على وفاء ديونه العرفية والشرعية بعد الموت ففي صحته كما قيل إشكال ، بل الأظهر البطلان ، وكذا في ما لو وقفها على أداء العبادات عنه بعد الوفاة .
مسألة ۱۱۲۷ : إذا أراد التخلص من إشكال الوقف على النفس فله أن يملك العين لغيره ثم يقفها غيره على النهج الذي يريد من إدرار مؤونته ووفاء ديونه ونحو ذلك .
ويجوز له أن يشترط ذلك عليه في ضمن عقد التمليك ، كما يجوز له أن يؤجرها مدة ويجعل لنفسه خيار الفسخ وبعد الوقف يفسخ الاجارة فترجع المنفعة إليه لا إلى الموقوف عليهم ، بل لا يبعد صحة وقف العين مع اشتراط( ) بقاء منافعها على ملكه مدة معينة كسنة أو غير معينة مثل مدة حياته .
مسألة ۱۱۲۸ : يجوز انتفاع الواقف بالعين الموقوفة في مثل المساجد والقناطر والمدارس ومنازل المسافرين وكتب العلم والزيارات والأدعية والآبار والعيون ونحوها مما لم تكن المنفعة معنونة بعنوان خاص مضاف إلى الموقوف عليه ، بل قصد مجرد بذل المنفعة وإباحتها للعنوان العام الشامل للواقف .
أما إذا كان الوقف على الأنحاء الأخر مع كون الموقوف عليه عنواناً كلياً عاماً ففي جواز مشاركة الواقف إشكال والأظهر الجواز .
مسألة ۱۱۲۹ : إذا تمّ الوقف كان لازماً لا يجوز للواقف الرجوع فيه ، و إن وقع في مرض الموت لم يجز للورثة ردّه و إن زاد على الثلث .