في دعوى القتل وما يثبت به
مسألة ۹۰ : يشترط في المدعي : العقل والبلوغ ، وقيل يعتبر فيه الرشد أيضاً ، والأظهر عدم إعتباره ، ويشترط في المدعى عليه إمكان صدور القتل منه ، فلو إدعاه على غائب لا يمكن صدور القتل منه عادة لم تقبل ، وكذا لو ادعاه على جماعة يتعذر اجتماعهم على قتل واحد عادة ، كأهل البلد مثلاً .
مسألة ۹۱ : لو إدعى على شخص أنه قتل أباه ـ مثلاً ـ مع جماعة لا يعرفهم ، سمعت دعواه ، فإذا ثبت شرعاً ، كان لولي المقتول قتل المدعى عليه ، ولأولياء الجاني بعد القود الرجوع إلى الباقين بما يخصهم من الدية ، فان لم يعلموا عددهم رجعوا إلى المعلومين منهم ، وعليهم أن يؤدوا ما يخصهم من الدية .
مسألة ۹۲ : لو ادعى القتل ولم يبين أنه كان عمداً أو خطأ ، فهذا يتصور على وجهين:
( الأول ) ـ أن يكون عدم بيانه لمانع خارجي لا لجهله بخصوصياته ، فحينئذ يستفصل القاضي منه .
( الثاني ) ـ أن يكون عدم بيانه لجهله بالحال ، وأنه لا يدري أن القتل الواقع كان عمداً أو خطأ ، وهذا أيضاً يتصور على وجهين :
فانه ( تارة ) يدعي أن القاتل كان قاصداً لذات الفعل الذي لا يترتب عليه القتل عادة ، ولكنه لا يدري أنه كان قاصداً للقتل أيضاً أم لا ؟ فهذا يدخل تحت دعوى القتل الشبيه بالعمد .
و ( أخرى ) لا يدعي أنه كان قاصداً لذات الفعل لاحتمال أنه كان قاصداً أمراً آخر ، ولكنه أصاب المقتول اتفاقاً ، فعندئذ يدخل ذلك تحت دعوى القتل الخطائي المحض ، وعلى كلا الفرضين تثبت الدية إن ثبت ما يدعيه ، ولكنها في الفرض الأول على القاتل نفسه ، وفي الفرض الثاني تحمل على عاقلته .
مسألة ۹۳ : لو ادعى على شخص أنه القاتل منفرداً ، ثم ادعى على آخر أنه القاتل كذلك ، أو أنه كان شريكاً مع غيره فيه ، لم تسمع الدعوى الثانية بل لا يبعد سقوط الدعوى الأولى أيضاً .
مسألة ۹۴ : لو ادعى القتل العمدي على أحد وفسره بالخطأ ، فان احتمل في حقه عدم معرفته بمفهوم العمد والخطأ سمعت دعواه ، و إلا سقطت الدعوى من أصلها ، وكذلك الحال فيما لو ادعى القتل الخطائي وفسره بالعمد .
مسألة ۹۵ : يثبت القتل بامور :
( الأول ) ـ الإقرار ، وتكفي فيه مرة واحدة ، ويعتبر في المقر البلوغ وكمال العقل والاختيار والحرية على تفصيل ، فإذا أقر بالقتل العمدي ثبت القود ، و إذا أقر بالقتل الخطائي ثبتت الدية في ماله لا على العاقلة ، وأما المحجور عليه لفلس أو سفه فيقبل إقراره بالقتل عمداً فيثبت عليه القود ، و إذا أقر المفلس بالقتل الخطائي ، ثبتت الدية في ذمته ولكن ولي المقتول لا يشارك الغرماء إذا لم يصدقوا المقرّ .
مسألة ۹۶ : لو أقر أحد بقتل شخص عمداً ، وأقر آخر بقتله خطأ ، تخيّر({^(ولايترك الاحتياط بالأخذ بإقرار المقر بالقتل خطأ . ) ^})ولي المقتول في تصديق أيهما شاء ، فإذا صدق واحدا منهما فليس له على الآخر سبيل .
مسألة ۹۷ : لو أقر أحد بقتل شخص عمداً ، وأقر آخر أنه هو الذي قتله ، ورجع الأول عن إقراره ، فالمشهور({^(وهو الأقوى . ) ^})أنه يدرأ عنهما القصاص والدية ، وتؤخذ الدية من بيت مال المسلمين ، وفيه إشكال ، بل منع ، فالظاهر أن حكمهما حكم المسألة السابقة ، وأما إذا لم يرجع الأول عن إقراره ، تخير الولي في تصديق أيهما شاء ، بلا خلاف ظاهر .
( الثاني ) ـ البينة ، وهي أن يشهد رجلان بالغان عاقلان عدلان بالقتل
مسألة ۹۸ : لا يثبت القتل بشاهد و امرأتين ، ولا بشهادة النساء منفردات ، ولا بشاهد ويمين ، نعم يثبت ربع الدية بشهادة امرأة واحدة ، ونصفها بشهادة امرأتين ، وثلاثة أرباعها بشهادة ثلاث نسوة ، وتمامها بشهادة أربع نسوة .
مسألة ۹۹ : يعتبر في الشهادة على القتل أن تكون عن حس أو ما يقرب منه ، و إلا فلا تقبل .
مسألة ۱۰۰ : لو شهد شاهدان بما يكون سبباً للموت عادة ، وادعى الجاني أن موته لم يكن مستنداً إلى جنايته ، قبل قوله مع يمينه .
مسألة ۱۰۱ : يعتبر في قبول شهادة الشاهدين توارد شهادتهما على أمر واحد ، فلو اختلفا في ذلك لم تقبل ، كما إذا شهد أحدهما أنه قتل في الليل ، وشهد الآخر
أنه قتل في النهار ، أو شهد أحدهما أنه قتله في مكان ، والآخر شهد بأنه قتله في مكان آخر ، وهكذا .
مسألة ۱۰۲ : لو شهد أحدهما بالقتل ، وشهد الآخر باقراره به ، لم يثبت القتل .
مسألة ۱۰۳ : لو شهد أحدهما بالاقرار بالقتل من دون تعيين العمد والخطأ ، وشهد الآخر بالاقرار به عمدا ، ثبت إقراره ، وكلف بالبيان ، فان أنكر العمد في القتل فالقول قوله ، وتثبت الدية في ماله ، فان ادعى الولي أن القتل كان عن عمد ، فعليه الاثبات ، ومثل ذلك ما لو شهد أحدهما بالقتل متعمداً ، وشهد الآخر بمطلق القتل ، وأنكر القاتل العمد فانه لا يثبت القتل العمدي ، وعلى الولي إثباته بالقسامة ، على تفصيل يأتي إن شاء الله تعالى .
مسألة ۱۰۴ : لو ادعى شخص القتل على شخصين ، وأقام على ذلك بينة ، ثم شهد المشهود عليهما بأن الشاهدين هما القاتلان له ، فان لم يصدقهما الولي فلا أثر لشهادتهما وللولي الاقتصاص منهما أو من أحدهما على تفصيل قد تقدم ، و إن صدقهما سقطت الدعوى رأساً .
مسألة ۱۰۵ : لو شهد شخصان لمن يرثانه بأن زيدا جرحه ، وكانت الشهادة بعد الاندمال قبلت ، وأما إذا كانت قبله فقيل لا تقبل ، ولكن الأظهر القبول .
مسألة ۱۰۶ : لو شهد شاهدان من العاقلة بفسق شاهدي القتل ، فان كان المشهود به القتل عمداً أو شبه عمد قبلت وطرحت شهادة الشاهدين ، و إن كان المشهود به القتل خطأ لم تقبل شهادتهما .
مسألة ۱۰۷ : لو قامت بينة على أن زيدا قتل شخصاً منفرداً ، وقامت بينة أخرى على أن القاتل غيره ، سقط القصاص عنهما جزما ، وكذا الدية ، وقيل وجبت الدية عليهما نصفين ، وفيه إشكال بل منع .
مسألة ۱۰۸ : لو قامت بينة على أن شخصاً قتل زيداً عمداً وأقر آخر أنه هو الذي قتله دون المشهود عليه وأنه برىء ، واحتمل اشتراكهما في القتل ، كان للولي قتل المشهود عليه ، وعلى المقر رد نصف الدية إلى ولي المشهود عليه ، وله قتل المقر ، ولكن عندئذ لا يرد المشهود عليه إلى ورثة المقر شيئاً ، وله قتلهما بعد أن يرد إلى ولي المشهود عليه نصف ديته ، ولو عفا عنهما ورضى بالدية كانت عليهما نصفين ، وأما إذا علم أن القاتل واحد فالظاهر جواز قتل المقر أو أخذ الدية منه بالتراضي .
مسألة ۱۰۹ : لو ادعى الولي أن القتل الواقع في الخارج عمدي ، وأقام على ذلك شاهداً وامرأتين ، ثم عفا عن حق الاقتصاص ، قيل بعدم صحة العفو ، حيث أن حقه لم يثبت فيكون العفو عفواً عما لم يثبت ، ولكن الظاهر هو الصحة .