الأمان
مسألة ۲۷ : يجوز جعل الأمان للكافر الحربي على نفسه أو ماله أو عرضه برجاء أن يقبل الإسلام ، فإن قبل فهو ، و إلا رد إلى مأمنه ، ولا فرق في ذلك بين أن يكون من قبل ولي الأمر أو من قبل آحاد سائر المسلمين ، ويدل عليه قوله تعالى : ( و إن أحد من المشركين استجارك فأجره حتى يسمع كلام الله )({^وهل يعتبر أن يكون الامان بعد المطالبة فلا يصح ابتداء ؟ فيه وجهان ، لا يبعد دعوى عدم اعتبار المطالبة في نفوذه ، والآية الكريمة و إن كان لها ظهور في اعتبار المطالبة في نفوذه بقطع النظر عما في ذيلها وهو قوله تعالى : ( حتى يسمع كلام الله ) إلا أنه مع ملاحظته لا ظهور لها في ذلك ، حيث إن الذيل قرينة على أن الغرض من ۱ ـ سورة التوبة ، الآية ۶ . إجارة الكافر المحارب هو أن يسمع كلام الله ، فإن احتمل سماعه جازت إجارته وكانت نافذة و إن لم تكن مسبوقة بالطلب ، ثم إن المعروف بين الاصحاب أن حقّ الامان الثابت لآحاد من المسلمين محدود إلى عشرة رؤوس من الكفار وما دونهم ، فلا يحق لهم أن يعطوا الأمان لأكثر من هذا العدد .
ولكن لا دليل على هذا التحديد ، فالظاهر أن لواحد من المسلمين أن يعطي الأمان لأكثر من العدد المزبور لأجل المناظرة في طلب الحق ، وقد ورد في معتبرة مسعدة بن صدقة أنه يجوز لواحد من المسلمين إعطاء الأمان لحصن من حصونهم .({^الوسائل ج ۱۵ باب ۲۰ من جهاد العدو ، الحديث ۲ .^})^}) وكذا صحيحة جميل ومعتبرة السكوني المتقدمتين في المسألة ( ۲۰ ) .
مسألة ۲۸ : لو طلب الكفار الامان من آحاد المسلمين ، وهم لم يقبلوه ، ولكنهم ظنوا أنهم قبلوا ذلك ، فنزلوا عليهم ، كانوا آمنين ، فلا يجوز للمسلمين أن يقتلوهم أو يسترقوهم ، بل يردونهم إلى مأمنهم ، وقد دلت على ذلك معتبرة محمّد بن الحكم عن أبي عبدالله (عليه السلام)قال : « لو أن قوما حاصروا مدينة فسألوها الأمان فقالوا : لا ، فظنوا أنهم قالوا : نعم ، فنزلوا إليهم ، كانوا آمنين » ({^ الوسائل ۱۵ باب ۲۰ من جهاد العدو ، الحديث ۴ .^})
وكذا الحال إذا دخل المشرك دار الإسلام بتخيل الامان بجهة من الجهات .
مسألة ۲۹ : لا يكون أمان المجنون والمكره والسكران وما شاكلهم نافذاً ، وأما أمان الصبي المراهق فهل يكون نافذاً ؟ فيه وجهان : الظاهر عدم نفوذه ، لا لأجل عدم صدق المؤمن والمسلم عليه ، حيث لا شبهة في صدق ذلك ، بل لأجل ما ورد في الصحيحة من عدم نفوذ أمر الغلام ما لم يحتلم .({^الوسائل ج ۱۸ باب ۲ من كتاب الحجر ، الحديث ۵ .^})
مسألة ۳۰ : لا يعتبر في صحة عقد الامان من قبل آحاد المسلمين الحرية بل يصح من العبد أيضاً ، إذ مضافا إلى ما في معتبرة مسعدة({^الوسائل ج ۱۵ باب ۲۰ من جهاد العدو ، الحديث ۲ .^}) من التصريح بصحة عقد الأمان من العبد أنه لا خصوصية للحر فيه على أساس أن الحق المزبور الثابت له إنما هو بعنوان أنه مسلم ، ومن هنا لا فرق في ذلك بين الرجل والمرأة أيضاً .
مسألة ۳۱ : لا يعتبر في صحة عقد الامان صيغة خاصة ، بل يتحقق بكل ما دل عليه من لفظ أو غيره .
مسألة ۳۲ : وقت الامان إنما هو قبل الاستيلاء على الكفار المحاربين وأسرهم ، وأما بعد الأسر فلا موضوع له .
مسألة ۳۳ : إذا كان أحد من المسلمين أقر بالأمان لمشرك ، فإن كان الإقرار في وقت يكون أمانه في ذلك الوقت نافذاً صح ، لأن إقراره به في الوقت المزبور أمان له و إن لم يصدر أمان منه قبل ذلك ، وعليه فلا حاجة فيه إلى التمسك بقاعدة من ملك شيئا ملك الإقرار به .
مسألة ۳۴ : لو ادعى الحربي الامان من غير من جاء به لم تسمع ، و إن أقر ذلك الغير بالأمان له ، على أساس أن الإقرار بالأمان إنما يسمع إذا كان في وقت كان الامان منه في ذلك الوقت نافذاً ، كما إذا كان قبل الاستيلاء والأسر ، و أما إذا كان في وقت لا يكون الامان منه في ذلك الوقت نافذاً فلا يكون مسموعاً كما إذا كان بعد الاسر والاستيلاء عليه ، وفي المقام بما أن إقرار ذلك الغير بالأمان له بعد الاسر فلا يكون مسموعاً .
نعم لو ادعى الحربي على من جاء به أنه عالم بالحال ، فحينئذ إن اعترف الجائي بذلك ثبت الامان له و إن أنكره قبل قوله ، ولا يبعد توجه اليمين عليه على أساس أن إنكاره يوجب تضييع حقه .
وأما إذا ادعى الحربي الامان على من جاء به ، فإن أقر بذلك فهو مسموع ،حيث إنه تحت يده و استيلائه ، ويترتب على إقراره به وجوب حفظه عليه ، و إن أنكر ذلك قدم قوله مع اليمين على الأظهر كما عرفت .
مسألة ۳۵ : لو ادعى الحربي على الذي جاء به الامان له ، ولكن حال مانع من الموانع كالموت أو الإغماء أو نحو ذلك بين دعوى الحربي ذلك وبين جواب المسلم ، لم تسمع مالم تثبت دعواه بالبينة أو نحوها ، وحينئذ يكون حكمه حكم الأسير ، وقال المحقق في الشرائع : إنه يرد إلى مأمنه ثم هو حرب ، ووجهه غير ظاهر) .