المهادنة
مسألة ۸۹ : يجوز المهادنة مع الكفار المحاربين إذا اقتضتها المصلحة للاسلام أو المسلمين ، ولا فرق في ذلك بين أن تكون مع العوض أو بدونه ، بل لا بأس بها مع إعطاء ولي الأمر العوض لهم إذا كانت فيه مصلحة عامة .
نعم إذا كان المسلمون في مكان القوة والكفار في مكان الضعف بحيث يعلم الغلبة عليهم لم تجز المهادنة .
مسألة ۹۰ : عقد الهدنة بيد ولي الأمر حسب ما يراه فيه من المصلحة ، وعلى هذا فبطبيعة الحال يكون مدته من حيث القلة والكثرة بيده حسب ما تقتضيه المصلحة العامة.
ولا فرق في ذلك بين أن تكون مدته أربعة أشهر أو أقل أو أكثر ، بل يجوز جعلها أكثر من سنة إذا كانت فيه مصلحة ،({^ملزمة وإلاّ فمشكل .^}) وأما ما هو المشهور بين الفقهاء من أنه لا يجوز جعل المدة أكثر من سنة فلا يمكن إتمامه بدليل .
مسألة ۹۱ : يجوز لولي الأمر أن يشترط مع الكفار في ضمن العقد أمراً سائغاً ومشروعاً ، كإرجاع أسارى المسلمين وما شاكل ذلك ، ولا يجوز اشتراط أمر غير سائغ ، كإرجاع النساء المسلمات إلى دار الكفر وما شابه ذلك .
مسألة ۹۲ : إذا هاجرت النساء إلى دار الإسلام في زمان الهدنة وتحقق إسلامهن لم يجز إرجاعهن إلى دارالكفر ، بلا فرق بين أن يكون إسلامهن قبل الهجرة أو بعدها ، نعم ، يجب إعطاء أزواجهن ما أنفقوا من المهور عليهن .
مسألة ۹۳ : لو ارتدت المرأة المسلمة بعد الهجرة من دار الكفر إلى دار الإسلام لم ترجع إلى دارالكفر ، ويجرى عليها حكم المسلمة المرتدة في دار الإسلام ابتداءً من الحبس والضرب في أوقات الصلاة حتى تتوب أو تموت .
مسألة ۹۴ : إذا ماتت المرأة المسلمة المهاجرة بعد مطالبة زوجها المهر منها وجب ردهّ إليه إن كان حياً و إلى ورثته إن كان ميتاً .
وأما إذا كانت المطالبة بعد موت الزوجة فالظاهر عدم وجوب رده إليه ، لأن ظاهر الآية الكريمة هو أن رد المهر إنما هو عوض رد الزوجة بعد مطالبة الزوج إياها ، و إذا ماتت انتفى الموضوع .
كما أنه لو طلقها بائناً بعد الهجرة لم يستحق المطالبة ، على أساس أن ظاهر الآية هو أنه لا يجوز إرجاع المرأة المزبورة بعد المطالبة ، و إنما يجب إرجاع المهر إليه بدلاً عن ردّها ، فإذا طلقها بائناً فقد انقطعت علاقته عنها نهائياً فليس له حقّ المطالبة بإرجاعها حينئذ .
وهذا بخلاف ما إذا طلقها رجعياً حيث إن له حقّ المطالبة بإرجاعها في العدة باعتبار أنها زوجة له ، فإذا طالب فيها وجب رد مهرها إليه .
مسألة ۹۵ : إذا أسلمت زوجة الكافر بانت منه ، ووجبت عليها العدة إذا كانت مدخولاً بها ، فإذا أسلم الزوج وهي في العدة كان أحق بها ،({^يأتى ما يتعلق بهذه المسألة فى كتاب النكاح ( المسألة ۱۲۹۰ ) .^}) وتدل على ذلك عدة من الروايات ، منها معتبرة السكوني ، عن جعفر بن محمّد ، عن أبيه ، عن علي (عليه السلام)أن امرأة مجوسية أسلمت قبل زوجها ، قال علي (عليه السلام) : « أتسلم ؟ » قال : لا ، ففرق بينهما ثم قال : « إن أسلمت قبل انقضاء عدتها فهي امرأتك ، و إن انقضت عدتها قبل أن تسلم ثم أسلمت فأنت خاطب من الخطاب » .
وفي حكمها ما إذا أسلمت في عدتها من الطلاق الرجعي ، فإذا أسلم الزوج بعد إسلام زوجته المهاجرة في عدتها من طلاقها طلاقاً رجعياً كان أحق بها ووجب عليه رد مهرها إن كان قد أخذه .
وأما إذا أسلم بعد انقضاء العدة فليس له حقّ الرجوع بها ، فإنه ـ مضافا إلى أنه مقتضى القاعدة ـ تدل عليه معتبرة السكوني وغيرها .
مسألة ۹۶ : إذا هاجر الرجال إلى دار الإسلام وأسلموا في زمان الهدنة لم يجز إرجاعهم إلى دار الكفر ، لأن عقد الهدنة لا يقتضي أزيد من الأمان على أنفسهم وأعراضهم وأموالهم ما داموا على كفرهم في دار الإسلام ثم يرجعوهم إلى مأمنهم .
وأما إذا أسلموا فيصبحون محقوني الدم والمال بسبب اعتناقهم بالاسلام ، وحينئذ خرجوا عن موضوع عقد الهدنة ، فلا يجوز إرجاعهم إلى موطنهم بمقتضى العقد المذكور .
هذا إذا لم يشترط في ضمن العقد إعادة الرجال ، وأما إذا اشترط ذلك في ضمن العقد ، فحينئذ إن كانوا متمكنين بعد إعادتهم إلى موطنهم من إقامة شعائر الإسلام والعمل بوظائفهم الدينية بدون خوف فيجب الوفاء بالشرط المذكور و إلا فالشرط باطل .
مسألة ۹۷ : إذا هاجرت نساء الحربيين من دار الكفر إلى دار الإسلام وأسلمت لم يجب إرجاع مهورهن إلى أزواجهن ، لاختصاص الآية الكريمة الدالة على هذا الحكم بنساء الكفار المعاهدين بقرينة قوله تعالى : ( واسئلوا ما أنفقتم وليسئلوا ما أنفقوا ) باعتبار أن السؤال لايمكن عادة إلا من هؤلاء الكفار ، على أن الحكم على القاعدة والحمد لله أولاً وآخراً .