( الأول ) : أن تكون الإجارة واقعة على منفعته الخارجية من دون اشتغال ذمته بشىء نظير إجارة الدابة والدار ونحوهما من الأعيان المملوكة .
( الثاني ) : أن تكون الإجارة واقعة على عمل في الذمة فيكون العمل المستأجر عليه ديناً في ذمته كسائر الديون .
فإن كانت على النحو الأول فقد تكون الإجارة على جميع منافعه في مدة معينة ، وحينئذ لا يجوز له في تلك المدة العمل لنفسه ولا لغيره لا تبرعاً ولا بإجارة ولا بجعالة ، نعم لا بأس ببعض الأعمال التي تنصرف عنها الإجارة ولا تشملها ولا تكون منافية لما شملته ، كما أنه إذا كان مورد الإجارة أو منصرفها الاشتغال بالنهار ـ مثلاً ـ فلا مانع من الإشتغال ببعض الأعمال في الليل له أو لغيره تبرعاً أو بإجارة أو جعالة إلا إذا أدى إلى ضعفه في النهار عن القيام بما استؤجر عليه ، فإذا عمل في المدة المضروبة في الإجارة بعض الأعمال المشمولة لها فإن كان العمل لنفسه تخير المستأجر بين فسخ الإجارة واسترجاع تمام الأجرة وبين إمضاء الإجارة ومطالبته بقيمة العمل الذي عمله لنفسه ، وكذا إذا عمل لغيره تبرعاً ، نعم يحتمل أن له أيضاً حينئذ مطالبة غيره بقيمة العمل الذي استوفاه فيتخير بين أمور ثلاثة ولا يخلو من وجه،({^وجيه إذا كان الإستيفاء بتسبيب من الغير ، و إلاّ فالأوجه عدم ضمانه .^})وأما إذا عمل لغيره بعنوان الإجارة أو الجعالة فله الخيار بين الأمرين المذكورين أولاً وبين إمضاء الإجارة أو الجعالة وأخذ الأجرة أو الجعل المسمى فيها، ويحتمل قريباً أن له مطالبة غيره على ما عرفت فيتخير بين أمور أربعة.
ثم إذا اختار المستأجر فسخ الاجارة الأولى في جميع الصور المذكورة ورجع بالأجرة المسماة فيها وكان قد عمل الأجير بعض العمل للمستأجر كان له عليه أجرة المثل .({^ولا يترك الإحتياط بالصلح في الزائد على الأجرة المسماة .^})
هذا إذا كانت الإجارة واقعة على جميع منافعه ، أما إذا كانت على خصوص عمل بعينه كالخياطة فليس له أن يعمل ذلك العمل لنفسه ولا لغيره لا تبرعاً ولا بإجارة ولا بجعالة ، فإذا خالف وعمل لنفسه تخير المستأجر بين الأمرين السابقين ، و إن عمل لغيره تبرعاً تخير بين الأمور الثلاثة({^تقدّم مافي إطلاقه .^})و إن عمل لغيره بإجارة أو جعالة تخير بين الأمور الأربعة كما في الصورة السابقة .
وفي هذه الصورة لا مانع من أن يعمل لنفسه أو لغيره بإجارة أو جعالة غير ذلك العمل إذا لم يكن منافيا له ، فإذا آجر نفسه في يوم معين للصوم عن زيد جاز له أن يخيط لنفسه أو لغيره بإجارة أو جعالة وله الأجر أو الجعل المسمى ، أما إذا كان منافياً له كما إذا آجر نفسه للخياطة فاشتغل بالكتابة تخير المستأجر بين فسخ الإجارة والمطالبة بقيمة العمل المستأجر عليه الذي فوته على المستأجر .
و إذا كانت الإجارة على النحو الثاني الذي يكون العمل المستأجر عليه في الذمة ، فتارة تؤخذ المباشرة قيداً على نحو وحدة المطلوب ، وتارة على نحو تعدد المطلوب ، فإن كان على النحو الأول جاز له كل عمل لا ينافي الوفاء بالإجارة ولا يجوز له ما ينافيه سواءً أكان من نوع العمل المستأجر عليه أم من غيره ، و إذا عمل ما ينافيه تخير المستأجر بين فسخ الإجارة والمطالبة بقيمة العمل الفائت المستأجر عليه ، و إذا آجر نفسه لما ينافيه توقفت صحة الإجارة الثانية على إجازة المستأجر الأول ، بمعنى رفع يده عن حقّه ، فإن لم يجز بطلت واستحق الأجير على من عمل له أجرة المثل ،({^ولا يترك الإحتياط بالصلح في الزائد على الأجرة المسماة . ^})كما أن المستأجر الأول يتخير كما تقدم بين فسخ الإجارة الأولى والمطالبة بقيمة العمل الفائت ، و إن أجاز صحت الإجارة الثانية واستحق الأجير على كل من المستأجر الأول والثاني الأجرة المسماة في الإجارتين وبرئت ذمته من العمل الذي استؤجر عليه أولاً .
و إن كانت الإجارة على نحو تعدد المطلوب فالحكم كذلك ، نعم لا يسقط العمل المستأجر عليه عن ذمة الأجير بمجرد الإجارة الواقعة على ما ينافيه ، بل يسقط شرط المباشرة ويجب على الأجير العمل للمستأجر الأول لا بنحو المباشرة والعمل للمستأجر الثاني بنحو المباشرة ، لكن فرض تعدد المطلوب في الذميات لا يخلو من شبهة .