الفصل العاشر . في النفقات
وهي أقسام : نفقة الزوجة ونفقة الأقارب ونفقة المملوك إنساناً كان أو حيواناً .
أما نفقة الزوجة الدائمة فتجب على الزوج وهي الإطعام والكسوة والسكنى والفراش والغطاء وآلة التنظيف وسائر ما تحتاج إليه بحسب حالها بشرط أن تكون عنده ، فإذا خرجت من عنده تاركة له من دون مسوغ شرعي لم تستحق النفقة ، والمشهور أن وجوب النفقة مشروط بعدم النشوز وهو التمرد على الزوج بمنعه عن حقوقه أو بفعل المنفرات له عنها و إن كان مثل سبه وشتمه وفيه إشكال .({^( الأقوى اشتراط وجوب النفقة بعدم التمرّد على الزوج بمنعه عن حقوقهالشرعيّة .)^})
مسألة ۱۳۹۸ : الظاهر أن من النفقة الواجبة على الزوج أجرة الحمام عند حاجة الزوجة إلى التنظيف إذا لم تتهيأ لها مقدمات التنظيف في البيت أو كان ذلك عسراً عليها لبرد أو غيره ، كما أن منها أجرة مصاريف الولادة والفصد والحجامة عند الاحتياج إليهما ، وكذلك أجرة الطبيب والأدوية المتعارفة التي يكثر الاحتياج إليها عادة، بل لا يبعد أن يكون منها ما يصرف في سبيل علاج الأمراض الصعبة التي يكون الابتلاء بها اتفاقياً ولو احتاج إلى بذل مال خطير({^( في كونه من النفقة الواجبة تأمّل )^}) ما لم يكن ذلك حرجياً .
مسألة ۱۳۹۹ : لا تجب نفقة الزوجة في الزمان الفاصل بين العقد والزفاف ، فإن الارتكاز العرفي قرينة على إسقاطها في هذه المدة .
مسألة ۱۴۰۰ : تجب النفقة للزوجة الدائمة و إن كانت ذمية أو أمة أو صغيرة ، فإن طلقت رجعياً بقيت لها النفقة ، فإن طلقت بائناً أو مات الزوج فلا نفقة لها مع عدم الحمل ، وأما مع الحمل فتجب في الطلاق دون الموت وتقضى مع الفوات فلو ماتت انتقلت إلى ورثتها .
مسألة ۱۴۰۱ : يجب على الولد الإنفاق على الأبوين ، ويجب على الوالد الانفاق على الولد ، ولا يسقط الوجوب بمجرد القدرة على أخذ الحقوق مثل الزكاة والخمس إذا كان فيه مهانة ، بل مع عدمها أيضاً .
نعم لا يجب الانفاق مع البذل خارجاً كما لا يجب مع غناهم أو قدرتهم على الكسب.
مسألة ۱۴۰۲ : يشترط في وجوب الانفاق قدرة المنفق على الانفاق فإن عجز بقيت في ذمته نفقة الزوجة وسقطت نفقة الاقارب .
مسألة ۱۴۰۳ : المشهور أن نفقة الأولاد مع فقد الآباء على الام ، فإن فقدت فعلى أبيها وأمها بالسوية ولو كانت معهما أم الاب شاركتهما في النفقة ، وهو لا يخلو من إشكال و إن كان أحوط ، ولا تجب النفقة على غير العمودين من الاخوة والاعمام والاخوال ذكوراً أو إناثاً وأولادهم .
مسألة ۱۴۰۴ : نفقة النفس مقدمة على نفقة الزوجة وهي مقدمة على نفقة الاقارب ، والأقرب منهم مقدم على الأبعد فالولد مقدم على ولد الولد ، ولو تساووا وعجز عن الانفاق عليهم تخير بينهم .
مسألة ۱۴۰۵ : الإنسان المملوك تجب نفقته على مولاه وله أن يجعلها في كسبه مع الكفاية و إلا تممه المولى والأحوط({^(بل الظاهر وجوب نفقتها عليه وإن امتنع من الانفاق أجبره الحاكم عليه أو على البيع أو الذبح )^}) للمالك النفقة للبهائم أو البيع أو الذبح إن كانت من المذكاة .
مسألة ۱۴۰۶ : الأشهر أن القدرة على النفقة ليست شرطاً في صحة النكاح ، فإذا تزوجت المرأة الرجل العاجز أو طرأ العجز بعد العقد لم يكن لها الخيار في الفسخ لا بنفسها ولا بواسطة الحاكم ، ولكن يجوز لها أن ترفع أمرها إلى الحاكم الشرعي فيأمر زوجها بالطلاق فإن امتنع طلقها الحاكم الشرعي ، و إذا امتنع القادر على النفقة عن الانفاق جاز لها أيضاً أن ترفع أمرها إلى الحاكم الشرعي فيلزمه بأحد الأمرين من الانفاق والطلاق ، فإن امتنع عن الأمرين ولم يمكن الانفاق عليها من ماله جاز للحاكم طلاقها ، ولا فرق في ذلك بين الحاضر والغائب ، نعم إذا كان الزوج مفقوداً وعلمت حياته وجب عليها الصبر({^(على تفصيل يأتي في المسألة (۱۴۵۹) . )^}) و إن لم يكن له مال ينفق عليها منه ولا ولي ينفق عليها من مال نفسه .
ويأتي في مبحث العدة التعرض لبقية أحكام المفقود .
مسألة ۱۴۰۷ : لا يجوز للزوجة أن تخرج من بيتها بغير إذن زوجها فيما إذا كان خروجها منافياً لحق الاستمتاع بها بل مطلقا على الأحوط ،({^( بل على الأقوى )^}) فإن خرجت بغير إذنه كانت ناشزاً ، ولا يحرم عليها سائر الأفعال بغير إذن الزوج إلا أن يكون منافياً لحق الاستمتاع .
مسألة ۱۴۰۸ : ما كان من النفقة يتوقف الانتفاع به على ذهاب عينه كالطعام والشراب والصابون ونحوها تملك الزوجة عينه ، فلها مطالبة الزوج بتمليكه إياها ولها الاجتزاء بما يبذله لها منه ، كما هو المتعارف فتأكل وتشرب من طعامه وشرابه ، وأما ما تبقى عينه بالانتفاع به فإن كان مثل المسكن والخادم فلا إشكال في كونه إمتاعاً لا تمليكاً فليس لها المطالبة بتمليكها إياه ، والظاهر أن الفراش والغطاء أيضاً كذلك ، وأما الكسوة ففي كونها كالأول أو الثاني إشكال ، ولا يبعد أن الأول أقرب ،({^(في كونها تمليكاً لا إمتاعاً تأمّل )^})ولا يجوز لها في القسم الثاني نقله إلى غيرها ولا التصرف فيه على غير النحو المتعارف بغير إذن الزوج ويجوز لها ذلك كله في القسم الأول .
مسألة ۱۴۰۹ : مرّ أن الزوجة إذا خرجت من عند زوجها تاركة له من دون مسوّغ شرعي سقطت نفقتها ويستمر السقوط ما دامت كذلك ، فإذا رجعت وتابت رجع الاستحقاق .
مسألة ۱۴۱۰ : إذا نشز الزوج فلم يؤد إلى زوجته النفقة اللازمة من غير عذر وتعذر رفع أمرها إلى الحاكم الشرعي ففي جواز نشوزها وامتناعها عن القيام بحقوق الزوج حينئذ إشكال .
مسألة ۱۴۱۱ : إذا لم يكن للزوج مال ينفق منه على زوجته وكان يتمكن من الكسب وجب عليه إلا إذا كان لا يليق به فتبقى النفقة ديناً عليه ، والظاهر وجوب الاستدانة عليه إذا علم التمكن من الوفاء ، أما إذا احتمل عدم التمكن من الوفاء ففي سقوط الوجوب إشكال والأقرب عدم السقوط .({^(فيه تأمّل وإن كان احوط )^})
مسألة ۱۴۱۲ : نفقة الزوجة تقبل الإسقاط في كل يوم ، أما الاسقاط في جميع الأزمنة المستقبلة فلا يخلو من إشكال ، و إن كان الجواز أظهر ، وأما نفقة الأقارب فلا تقبل الاسقاط لأنها واجبة تكليفاً محضاً .
مسألة ۱۴۱۳ : يجزئ في الانفاق على القريب بذل النفقة في دار المنفق ، ولا يجب عليه تمليكها ولا بذلها في دار أخرى ، ولو طلب المنفق عليه ذلك لم تجب إجابته إلا إذا كان عن عذر مانع له عن استيفاء النفقة في بيت المنفق من حرّ أو برد أو وجود من يؤذيه هناك أو نحو ذلك مما يرجع إلى خلل في محل الإنفاق .
مسألة ۱۴۱۴ : إذا وجب السفر على الزوجة لم تسقط نفقتها في السفر ووجب على الزوج القيام بها ، أما بذل أجور السفر ونحوها مما تحتاج إليه من حيث السفر ، فإن كان السفر لشؤون حياتها بأن كانت مريضة وتوقف علاجها على السفر إلى طبيب وجب على الزوج بذل ذلك ، و إذا كان السفر أداءً لواجب في ذمتها فقط كما إذا استطاعت للحج أو نذرت الحج الاستحبابي بإذن الزوج لم يجب على الزوج بذل ذلك ، كما لا يجب عليه أداء الفدية والكفارة وفداء الإحرام ونحو ذلك من الواجبات التي لا تقوم بها حياتها .
مسألة ۱۴۱۵ : إذا اختلف الزوجان في الانفاق وعدمه مع اتفاقهما على استحقاق النفقة فالظاهر أن القول قول الزوجة مع يمينها بلا فرق بين أن يكون الزوج غائباً أو كانت الزوجة منعزلة عنها وغير ذلك .
مسألة ۱۴۱۶ : إذا كانت الزوجة حاملاً ووضعت وقد طلقت رجعياً فادعت الزوجة أن الطلاق كان بعد الوضع فتستحق عليه النفقة وادعى الزوج أنه كان قبل الوضع وقد انقضت عدتها فلا نفقة لها فالقول قول الزوجة مع يمينها ، فإن حلفت استحقت النفقة ولكن الزوج يلزم باعترافه فلا يجوز له الرجوع إليها .
مسألة ۱۴۱۷ : إذا اختلفا في الإعسار واليسار فادعى الزوج الاعسار وأنه لا يقدر على الانفاق وادعت الزوجة يساره كان القول قول الزوج مع يمينه ، نعم إذا كان الزوج موسراً وادعى تلف أمواله و أنه صار معسراً فأنكرته الزوجة كان القول قولها مع يمينها .
مسألة ۱۴۱۸ : لا يعتبر في استحقاق الزوجة النفقة على زوجها فقرها وحاجتها بل تستحقها على زوجها و إن كانت غنية غير محتاجة .
مسألة ۱۴۱۹ : يتخير الزوج بين أن يدفع إلى الزوجة عين المأكول كالخبز والطبيخ واللحم المطبوخ وما شاكل ذلك ، وأن يدفع إليها موادها كالحنطة والدقيق والأرز واللحم ونحو ذلك مما يحتاج في إعداده للأكل إلى علاج ومؤونة ، فإذا اختار الثاني كانت مؤونة الإعداد على الزوج دون الزوجة .